في إطار تنمية الروح المقاولاتية لدى النسوة التي تبقى نسبها ضئيلة في الجزائر، نظمت وزارة التضامن الوطني والأسرة الملتقى الدولي الثالث حول المقاولة النسوية بالتنسيق مع التعاون التقني البلجيكي وتم الملتقى بإشراك فاعلين في إدماج المرأة في عالم الشغل والنشاط الاقتصادي واتخذت الطبعة الثالثة شعار (المقاولة النسوية طريق آخر للتمكين). خصصت الدولة ميزانية ومشاريع بغية إشراك المرأة في عالم الشغل عن طريق منح قروض للمرأة الماكثة بالبيت وحتى المتعلمة في إطار النشاطات التي تسطرها وكالات التشغيل بما فيها وكالة تشغيل ودعم الشباب وكذا الوكالة الوطنية لمنح القروض المصغرة، والتي كان لها صدى واسعا بين فئات النسوة الماكثات بالبيت، وتم إقحامهن في عالم الشغل على الرغم من بساطة إمكانياتهن ومستواهن الدراسي المحدود. وقد بينت ممثلة عن وكالة التشغيل ودعم الشباب خلال الملتقى أن الوكالة لها دور كبير في زرع الروح المقاولاتية لدى النساء وبذلك ساهمت في فتح مؤسسات صغيرة ومتوسطة امتصت البطالة وخلقت مناصب شغل خاصة وأن الوكالة أنشئت منذ سنة 1996 واهتمت بشريحة الشباب دون الأربعين سنة من خلال دعم المشاريع ومتابعة المؤسسات المنشئة من طرفهم، وفي نفس الإطار تم إبرام اتفاقيات شراكة مع 30 جامعة على المستوى الدولي واستحداث مسابقة لأحسن خطة عمل في تسيير المشاريع. كما قررت الوكالة منح قروض بدون فائدة في سنة 2011 من أجل تسهيل الدخول إلى عالم الشغل وكذا تخفيض الفوائد البنكية في مختلف المشاريع بالنسبة للقروض الملحقة بفوائد، بحيث وصلت إلى حدود 80 و95 بالمائة في بعض القطاعات كقطاع الصيد البحري والأشغال العمومية والري، كما أن الوكالة في سنة 2011 تمكنت من تسليم أكثر من 24 ألف قرض، 11 بالمائة كان لصالح الفئة النسوية مما مكن من خلق أكثر من 69 منصب شغل، وأضافت أن خريجات الجامعات والتكوين المهني احتلين ما نسبته 23 و24 بالمائة من القروض الممنوحة في إطار دعم الفئة النسوية وإدخالها إلى عالم المقاولات والمشاريع الكبرى، وختمت بالقول إن الوكالة الوطنية لدعم وتشغيل الشباب سوف تبقى أداة لدعم الشباب مابين سن 19 و40 سنة وترمي إلى إنشاء وتجسيد مشاريع على أرض الواقع بغية امتصاص البطالة وخلق مناصب شغل لفئات واسعة ليس لصاحب المشروع فقط فهو بدوره يمنح الفرصة للكثيرين من أجل الاسترزاق والعيش الكريم. أما السيدة جحيش فتيحة مستشارة في وزارة الفلاحة مكلفة بالتنمية الريفية فأوضحت خلال مداخلتها أن الكثافة السكانية بلغت 14 مليون نسمة في المناطق الريفية، 70 بالمائة لا يتجاوز سنهم 30 سنة ويوجد بينهن شابات، ومنذ القدم المرأة الريفية تمارس الفلاحة من قبل أن نتكلم عن المقاولة فجهودها تصب في قطاع الفلاحة 88.29 بالمائة في الحرف التقليدية، و 31.56 في الفلاحة وتقابلها نسبة 68.44 خصصت للرجال في نفس القطاع مما يؤكد أنها أضحت منافسة للرجل من خلال سياسة التجديد الريفي التي ترمي إلى عصرنة القطاع وإنشاء فلاحة عصرية بوضع آليات المشاريع الحوارية للتنمية الريفية المندمجة والتي تدخل فيها عدة نشاطات إلا أن لبها الرئيسي يتمحور في الفلاحة والعودة إلى الأرض. إلى جانب تخصيص (القرض الرفيق) وهو موجه للعائلة الريفية ككل يعتمد فيه على تسهيل إجراءات ممارسة نشاطات متنوعة وهي كلها نشاطات تصب في الفلاحة خاصة وأنه من بين 1541 بلدية على مستوى القطر الوطني 979 صنفت ريفية، فطابع الأراضي هو فلاحي محض مما يؤدي إلى ضرورة تحديد نوعية المشاريع، وحاليا المرأة توسعت مشاريعها وهي مقاولة في مستثمرات فلاحية تجاوزت ألف هكتار وهي في قطاع الفلاحة تسير مئات الهكتارات وخلقت مناصب شغل منهن مهندسات زراعيات وحتى ماكثات بالبيت، صبت المشاريع إلى تكوينهن في الميدان وإشراكهن في التنمية الريفية، فقطاع الزراعة جمع بين المهندسات الزراعيات وكذا الماكثات بالبيت وعن النشاطات، قالت إن المرأة غاصت في مجالات عدة منها الأشجار المثمرة ووحدات تربية المواشي وهو نشاط مخصص للنسوة الريفيات محدودات المستوى، وعملت الوزارة على تخصيص 10 آلاف وحدة تربية مواشي اندمجت فيها نساء ماكثات بالبيت، أما المتعلمات فعادة ما ينشطن في مستثمرات فلاحية تفوق مساحتها 5 هكتارات وحتى أكثر من 100 هكتار وتبقى الآليات موجهة إلى العائلة الريفية ككل فالعائلة الريفية تعمل كلها في الفلاحة. وفي مداخلة للسيدة حداد نصيرة رئيسة مؤسسة وخبيرة في المؤسسات الصغيرة والمتوسطة والمقاولة النسوية بينت أنه لابد من مساعدة النساء بمختلف فئاتهن للاندماج في مشاريع والانطلاق ورفع حسهن ووضع الثقة في قدراتهن قصد النجاح والوصول، ورأت أن وضعية المرأة المقاولاتية لم تزل غير متطورة إذ لابد من إشراك المرأة في مختلف المشاريع وإعطائها الفرصة من أجل تبيين كيانها وإبراز ذاتها وقدراتها حسب ما يأمل له أول سياسي في البلاد وهو رئيس الجمهورية الذي يسعى وفق برنامجه إلى إبراز قدرات المرأة في مختلف المجالات وإدخالها في المشاريع الكبرى ومنحها ضمانات لإدماجها في عالم الشغل والمساهمة في بناء الاقتصاد الوطني، إلا أنها عادت ورأت أن الدولة وعلى الرغم من تخصيصها لهياكل ضخمة لتشجيع المقاولة النسوية من خلال وضع ميكانيزمات دقيقة إلا أن الخطوات لم تحظ بنتائج ملموسة وتبقى نسبة المشاركة النسوية في المقاولات ب 6 بالمائة كنسبة ضئيلة لا تعكس الهياكل التي وفرتها الدولة، وأن السبب يرجع إلى انتشار ذهنيات في مجتمعنا مفادها أنه من العيب دخول المرأة إلى عالم الشغل والاقتصاد وتبقى المرأة جد متخوفة من إنشاء مشروع بسبب نظرات المجتمع، إلى جانب نقص الإعلام في مختلف المشاريع مما يؤدي ببعضهن إلى العزوف عن المغامرة خوفا من الفشل وإهدار رأس المال في المشروع، كما وجدت أن تلك الأفكار بدأت بالفعل تتلاشى حتى في الريف غير أنها لم تلغ تماما، إذ نجد ما نسبته 75 بالمائة من الجامعيات يقمن بخدمة الأرض ويشغلن القطاع الفلاحي وإنشاء مشاريع في الريف وخلق مناصب شغل لأنفسهن بأنفسهن بعد أن صممن على الخروج من قوقعة البطالة وحتى إخراج غيرهن بخلق مناصب شغل جديدة عن طريق إنشاء مؤسسات وإقامة مشاريع تبدأ صغيرة لتكبر فيما بعد.