ليست بسيطة ولا هينة الاتهامات الخطيرة التي أطلقها عمار سعداني اتجاه عبد العزيز بلخادم والتي وصلت حد التشكيك في ماضي عائلته الثوري وأنه أحد رجال فرنسا في الجزائر ! بلخادم إبن النظام منذ عهد الرئيس بومدين ، والذي تزعم الآفلان قبل سعداني لسنوات ، وتربع على سدة وزارة الخارجية لفترة طويلة في عهد الرئيس بوتفليقة ليتوج مسيرته رئيسا للحكومة الجزائرية ، ثم وزير دولة ممثل شخصي لرئيس الجمهورية ، حتى اعتبره البعض الرجل الأقرب للرئيس ويده اليمنى ، يتحول اليوم إلى مجرد ابن حركي وأحد زعماء حزب فرنسا ، وصل عبر استعمال الزندقة في الإسلام ، و الشكارة في النضال و الدروشة بحسب عمار سعداني . فإذا كان هذا الكلام حقيقيا ويستند إلى معلومات فتلك مصيبة عظيمة وتكشف حجم الاختراق الفرنسي لقلب الدولة الجزائرية ، لأن المناصب التي تولاها بلخادم تفترض أن الأجهزة الأمنية وأعلى السلطات قد دققت في هويته ومسيرته وكل المعلومات المتعلقة به ، فالرجل كان مطلعا على أسرار الدولة والحمض النووي للسلطة ، ومشاركا أساسيا في صنع القرار ، فكيف تغيب كل هذه الاتهامات عن المؤسسات السيادية الجزائرية ليحدث اختراق بهذا الحجم ! أما إذا كان كل هذا الكلام مجرد تصفية حسابات مع غريمه السياسي فالمصيبة تصبح أعظم ، لأن سعداني زعيم حزب الأغلبية في البرلمان وأحد رجال السلطة الأقوياء، ما يجعل كلامه يحمل طابع الجد لا الهزل ، وأي إتهام غير مؤسس لشخصية بحجم بلخادم يعني أننا دخلنا في عهد الحروب السياسية الشاملة التي يسمح فيها باستخدام جميع الأسلحة المحرمة ولو كانت الظلم والبهتان ! هذه الاتهامات الثقيلة وغير المسبوقة جاءت على الأغلب لحرق بلخادم سياسيا في وقت كثر الحديث فيه عن إعادة الرجل إلى الواجهة ، وأن اتصالات متقدمة تجري بينه وبين الرئاسة ، حول دور سيلعبه في المستقبل القريب، سواء على الصعيد الحزبي الذي لا يزال بلخادم يتحكم في الكثير من خيوطه أو على صعيد المسؤولية في أعلى مؤسسات الدولة ، لتكون تصريحات سعداني برسم من يهمه الأمر بأعلى هرم الدولة ، أن عودة بلخادم تعني بالضرورة مواجهة مع سعداني وكأنه يخير الرئيس بوتفليقة بينهما ، فلا مجال هنا للمساكنة والتعايش وتدوير الزوايا ! يعلم سعداني جيدا أن الخطر الوحيد الذي قد يهدد زعامته في الآفلان يأتي من بلخادم ، بحكم وزنه السياسي وتشعب علاقاته في أروقة السلطة وخبرته في الحكم ، ولو لم يشعر أن هناك من يريد إعادة صناعة دور جديد لغريمه ، لما خصص كل هذا الحيز من خطابه لشن أكبر هجوم شخصي على الرجل ، رغم أنه غادر المسؤولية في الحزب منذ سنوات ولا يسجل له مؤخرا أي تحرك سياسي أو إعلامي على السطح . أما بخصوص اتهاماته للجنرال توفيق بالوقوف وراء أحداث غرداية وورقلة وبالتآمر على الجزائر وأنه زعيم ضباط فرنسا ، فهي تستدعي تدخل العدالة بشكل لا يقبل الجدل ، لأنها اتهامات تصل إلى درجة الخيانة العظمى ومن حق الجزائريين أن يعرفوا الحقيقة سواء تثيبت الاتهام على الجنرال توفيق ومحاسبته أو معاقبة سعداني على شقشقة اللسان. طبعا سعداني ذكي وله حنكة سياسية هو الأخر، ومن السذاجة الاستخفاف بما يقول ، والتاريخ يشهد له أنه أول من تحدى الجنرال توفيق... ويبدوا أنه قضى فترة غيابه عن الساحة التي امتدت لأربعة أشهر، في التخطيط لهذا الهجوم المدمر ، الذي يضاف إلى معاركه السابقة والمستمرة مع الجنرال توفيق وأحمد أويحيى وغيرهم من عقول السلطة ورجالها ، ليظهر دائما وبجرأة وشجاعة نادرة في وقتنا ، كمنظر للدولة المدنية ولإعادة القرار إلى الأحزاب والمنتخبين على حساب العسكريين والمعينين ليبقى السؤال الكبير في الأخير، هل تكلم سعداني بإسمه؟ أم أننا بصدد الدخول في مرحلة جديدة ووقع الاختيار عليه ليؤدي مهمة كاسحة الألغام للتمهيد لوجوه جديدة و سياسيات جديدة، حتى على الصعيد الدولي ، كما ظهر في مغازلة سعداني للسعودية وتركيا والهجوم على الرئيس الفلسطيني محمود عباس. للتواصل مع الكاتب من خلال صفحته الرسمية على موقع "فيسبوك": https://www.facebook.com/anesdjemaa/ أو من خلال البريد الإلكتروني: [email protected]