يخلف مصنع الإسمنت والمحاجر الكثيفة التي تقع بالقرب من مدينة عين التوتة بباتنة، تلوثا كبيرا في المحيط، وهو ما سبب متاعب جمة للسكان وتزايدا في عدد الإصابات بأمراض الحساسية والربو. كما أتت الأتربة والأدخنة المنبعثة من هذه المنشآت على مساحات شاسعة من الأراضي الفلاحية الخصبة والغطاء النباتي على طول الطريق الرابط بينها وبين عاصمة الولاية ويمتد تأثيرها على مسافة 40 كلم نحو بعض البلديات الجنوبية. وقد اشتكى المواطنون من تفاقم الوضع ووجهوا طلبات للسلطات المحلية والولائية لتفادي كارثة إيكولوجية أشار إليها الأطباء والمختصون، تسببها المواد السامة المتصاعدة مع الدخان إلى الجو مكونة سحابة كثيفة وأخطرها على الإطلاق مادة ''الديوكسين'' الشديدة التأثير، فالمحاجر الكثيرة المتمركزة شمال المدينة لا تحترم المواصفات التقنية في تصريف الأتربة بواسطة مصافي جديدة لارتفاع ثمنها، ولا يبالي القائمون عليها بالقوانين المنظمة لنشاطهم والتي يشير أبرزها إلى ضرورة التقليص من تلوث الجو حفاظا على الصحة العامة، واستبدال المصافي القديمة بعد مدة زمنية محددة، فضلا عن أن استغلال المحاجر يجب أن يبعد عن التجمعات السكانية بمسافة مدروسة، لا يسمع منها دوي المتفجرات المستعملة في تفتيت الصخور، وهو مشكل آخر يعاني منه السكان، وجعل الكثير منهم يبحث عن الهدوء بتحويل مقر سكناه إلى خارج المدينة، وإن كان مصنع الإسمنت بعيدا نسبيا عن التجمعات السكانية إلا أنه يتوسط مساحات هامة من الأراضي الفلاحية الخصبة التي تحول لون تربتها إلى الرمادي مع انعدام كلي للغطاء النباتي. يذكر أن هذا المعمل استفاد خلال السنتين الماضيتين من مبلغ 5,1 مليار دينار وجهت للتقليل من التلوث واقتناء أجهزة جديدة ومتطورة لصناعة الاسمنت ومعالجة المخلفات المنبعثة من المداخن، ويطالب المواطنون بالمدينة البالغ عدد سكانها 60 ألف نسمة الجهات المعنية بتفعيل القوانين الردعية ضد المخالفين لقوانين استغلال المحاجر وتخصيص أوقات معينة لممارسة النشاط، مع تكثيف الخرجات الرقابية لشرطة المناجم.