رفع السفير الفرنسي بالجزائر، كزافيي ديريانكور، أول أمس، تقريرا ''دقيقا'' و''مفصلا'' للجنة الشؤون الخارجية للجمعية الوطنية الفرنسية، يتضمن العديد من المعطيات المتعلقة بموجة الاحتجاجات التي اندلعت في الخامس من الشهر الجاري بالجزائر· وأفادت مصادر دبلوماسية ل''البلاد''، أن''العرض الذي قدمه السفير في جلسة مغلقة على نواب البرلمان الفرنسي يهدف إلى تقدير الأوضاع وتقييمها بعد عودة الهدوء للشارع العام، حيث تم التطرق إلى جوانب هامة ترتبط بأمن الرعايا الفرنسيين المتواجدين على التراب الوطني وممتلكاتهم في حال تعرضها للتخريب والنهب دون الغوص في التفاصيل الأخرى''، في تلميح مباشر إلى أن الحكومة الفرنسية ''لم تحمل من خلال قرار استدعاء سفيرها نية التدخل في الشؤون الخاصة بالجزائر وأوضاعها الداخلية'' وإنما ارتأت عبر هذه الخطوة ''الحصول على معلومات دقيقة حول حالة جاليتها المتواجدة في الجزائر'' · يحدث هذا في وقت أشارت كافة المعطيات الراهنة، حسب مراقبين لحيثيات الملف، إلى أن باريس تعمدت ''حشر أنفها'' في الأوضاع الداخلية لإثارة فتنة تستهدف استقرار الجزائر، وهو ما تفسره بشكل واضح خرجة وزيرة الخارجية، ميشال آليو ماري، التي تغنت بالخبرة الأمنية الفرنسية في مجال تطويق الاحتجاجات والتصدي للانزلاقات المنجرة عنها، داعية إلى التعاون الأمني المشترك مع البلدان التي تعيش أوضاعا مماثلة· هذا التصريح الملغم، الذي صدر عن مسؤولة العلاقات الخارجية الفرنسية، طعن في قدرة بعض الدول، وتحديدا تلك التي عاشت على وقع الاحتجاجات مؤخرا مثل الجزائر، إلى جانب التشكيك في إمكانية تحكمها في غضب شعوبها وعجزها في احتوائه، ليفتح بذلك الباب لهز ثقة المواطنين في الدولة واستهداف أمن واستقرار البلاد · كما يستبعد أن يكتفي نواب البرلمان الفرنسي (الذين لم يقتنعوا بالإحصائيات الرسمية المقدمة من طرف الخارجية الفرنسية)، بحصر مخلفات وانعكاسات الاحتجاجات في زاوية مناقشة أمن الرعايا الفرنسيين فقط· إذ بالاستناد إلى الطموحات التي كشفت عنها آليو ماري بشأن التدخل الأمني تحت غطاء التعاون والتنسيق المشترك، يكون النواب، وتحديدا أولئك المحسوبين على التيار اليميني المتطرف، قد بادروا بالتنظير لأطروحات مختلفة حول خلفيات الاحتجاجات التي عرفت ب ''انتفاضة الزيت والسكر'' وأخمدت نيرانها من خلال وضع إستراتيجيات مدروسة من طرف السلطات العمومية في الجزائر أدت إلى ''تفكيك الألغام'' بسرعة!