مع حلول السنة الجديدة 2017، تتطلع الحزاب السياسية في الجزائر إلى الاستحقاق القادم الذي شكل محور "إجماع وطني" بشأن خوضه والمشاركة فيه، رغم التحفظات وحتى الشكوك التي راودت بعض الأحزاب، وفي مقدمتها أحزاب التيار الإسلامي التي طالبت بضمانات من أجل انتخابات شفافة ونزيهة، ولم يتأخر رد السلطة التي سارعت إلى الاعلان عن اسم رئيس الهيئة الرقابية القادمة للانتخابات التي جاءت بها التعديلات الدستورية خلال 2016، وتشكيل هيئة مستقلة لم تنل رضا المعارضة التي تريد هيئة مشرفة فعليا على الانتخابات وليس مراقبتها فقط. ورغم هذا الجدل الذي يستنسخ بين أحزاب المعارضة والموالاة والسلطة، إلا أن الناقمين سارعوا إلى الإعلان عن المشاركة، وفي مقدمتهم أحزاب التيار الإسلامي التي دعت إلى توافق سياسي بين المعارضة والسلطة، ولم تتخلف التشكيلات الحزبية الاسلامية عن المشاركة في الاستحقاق القادم الذي يعتبر الرواق السياسي للعبور نحو الانتخابات الرئاسية القادمة المزمع إجراؤها سنة 2019، وقبل ذلك لم يتردد وزير سابق من حزب جبهة التحرير الوطني عن دعوة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة إلى الترشح لعهدة خامسة، كون الرئيس نفسه صعد من وتيرة نشاطاته الرئاسية الرسمية في المدة الأخيرة مع استعادته عافيته بشكل بدا واضحا للعيان في كل مناسبة أو خرجة أو مراسيم استقبال، ما يؤكد أن دعوة الوزير السابق عمار تو ليست صرخة في واد، وإنما قد تحمل في طياتها دلالات ورسائل واضحة للكثير من الجهات والأطراف السياسية والحزبية وغيرها. وتراهن الأحزاب السياسية خصوصا المعارضة على تفادي سياسة الكرسي الشاغر التي جلبت لها العزلة السياسية بحكم التجارب الماضية، بيد أن حركة حمس مثلا تسعى إلى توطين العلاقات مع السلطة بشكل مباشر لضمان مشاركة إيجابية تمنحها هامشا من التحرك بعيدا عن تجربةالمقاطعة والمعارضة الراديكالية التي انتهجتها منذ قدوم عبد الرزاق مقري على رأس الحركة، فضلا عن محاولتها قطع الطريق أمام العزف المنفرد لزعيمها السابق أبوجرة سلطاني الذي يسعى لأن يظهر قدرا من السيطرة على أتباع حمس بخرجاته التي انشق بشأنها جمهور الإخوان في الجزائر، فغياب مرجعية ممثلة في شخص قائد أو زعيم الإخوان منذ رحيل الشيخ محفوظ نحناح أدى إلى كسر شوكة التيار المعتدل في الجزائر وانشقاقه وتقسيمه إلى حزيبات أثبتت فشلها الذريع في مواجهة آلة السلطة المدججة بجيش من الموالين والتنظيمات والجمعيات العريقة. فيما تواجه أحزاب المعارضة السلطة مجردة من أي دعم إعلامي أو حتى شعبي، كونها تفتقد إلى السند القاعدي بتنامي ظاهرة النفور الانتخابي للشارع الجزائري وابتعاده عن السياسة والسياسيين، وعدم ثقته في الأحزاب السياسية والمعارضة بشكل عام، ورغم ذلك فإن تشريعيات 2017 لن تخلو من الجمهور الذي اعتاد التوجه إلى صناديق الاقتراع، فالأحزاب والسلطة ستخوضان معركة من نوع آخر اسمها استقطاب الناخبين على النحو الذي عشناه في استحقاقات سابقة، حيث تم تجنيد كافة الوسال الإعلامية والدعائية والشعبية من أجل استقطاب المواطنين للاستحقاق الانتخابي الأبرز الذي يمثل امتحانا هاما للأحزاب السياسية، حيث تتشكل وفقه خريطة القوى لخمس سنوات قادمة، وهذا ما يحفر الجميع على دخول معترك المنافسة الانتخابية.