وجّه مرشح حركة "ماضون قدما" وزير الاقتصاد السابق "إيمانويل ماكرون" صاحب ال 39 سنة رسائل تطبيع سياسي وتعاون وثيق مع الجزائر، في حال فوزه بانتخابات الرئاسة الفرنسية. ويعتبر ماكرون الخيار الثالث في الانتخابات الفرنسية القادمة التي حمل سياق ترشيحاتها الكثير من المفاجآت أسقطت نيكولا ساركوزي أمام الوزير الأسبق فرانسوا فيون، الذي رج منتصرا بتمثيله اليمين الفرنسي، فيما أسقطت الانتخابات التمهيدية الوزير الأول الفرنسي مانيول فالس الذي ظل يلحن بقيادة القاطرة العاطلة للاشتراكيين، لكن الحظ ابتسم للشاب بينوا هامون وزير التعليم السابق في حكومة فرنسوا هولاند، إلا أن هذا الترتيب أو هذه الصورة لم تكن النهائية في مضمار سباق الرئاسيات الفرنسية، فقد طلع "ايمانويل ماكرون" من رحم حركة جديدة سماها "ماضون قدما"، فيما حطمت الفضائح التي طاردت مرشح اليمين فرانسوا فيون بشأن التوظيف الوهمي لزوجته ولابنيه لاحقا صورة السياسي المحافظ الذي يمكن أن يطيح بخصومه سواء من اليمين المتطرف بقيادة ماري لوبان التي تعزف على آلة معاداة المسلمين على طريقة ترامب أو الاشتراكيين، ومن هنا برز مرشح "ماضون قدما" في مضمار سباق الانتخابات الرئاسية بخطابه الصوري الذي يسعى من خلالها إلى قلب الطاولة على الشعارات الشعبوية التي تصدرها ماري لوبان لجماعة فوبيا الإسلام والمسلمين. ومن الواضح أن شعاره لا يسار ولا يمين بل "الفرنسيون" هو الطريق الأكثر أمانا إزاء مسلسل الفضائح التي تتفجر في الساحة الفرنسية هذه الأيام، فماكرون تمكن من استقطاب 16 ألف فرنسي في مهرجان انتخابي بمدينة ليون غالبيتهم من العمال ولمدة ساعتين وقف هؤلاء يستمعون لرؤية أخرى غير تلك التي عهدوها في ماري لوبان أو غيرها من المترشحين، ووصف البعض ماكرون بظاهرة الانتخابات الفرنسية والمرشح لن يخوض معركة مصيرية ضد ماري لوبان في الجولة الثانية من الرئاسيات الفرنسية القادمة، فهو يستقطب من اليسار واليمين والفئة الغاضبة من الطبقة السياسية الفرنسية المتسمة بالفساد، ويعتبر ماكرون أول مرشح للرئاسيات الفرنسية قادم من حركة شعبية احتجاجية وليس حزبا سياسيا، هو ما يمنحه الكثير من الحظوظ ويضعه على سكة الرئاسة الفرنسية، خصوصا أن غالية الفرنسيين يعيشون حالة من التذمر السياسي من الطبقة السياسية التي شابها الكثير من العفن والفساد، وتعتبر زيارة اميانويل ماكرون للجزائر خطوة ذكية تجاه البلد الذي تأوي فرنسا أكبر تعداد من مهاجريه، كما أن خطابه ينم عن روح من التسامح والأخلاق السياسية التي يتطلع إليها العالم رغم ما يحيط بنا من ملامح اليمين المتطرف والكراهية ضد المسلمين التي أصبحت "نخبوية" منذ صعود دونالد ترامب إلى سدة الحكم في الولاياتالمتحدةالأمريكية، فهي في النهاية كراهية محددة تسوّق لتسوية ملفات وقضايا سياسية معينة كحمل مشاكل الاحتقان الداخلي في الكثير من المجتمعات أو لتسويق سياسة معينة للعالم. وفي كل الحالات، تبقى الأنظار متجهة للمرشح الشاب الثائر مانيويل ماكرون الذي تمرد على اليسار بحكم أنه ازدان في فراشه، كما هو ثائر على اليمين الذي يستنزف من قاعدته الانتخابية، حيث أظهرت الاستطلاعات الفرنسية إمكانية توجه الناخب اليميني إلى معسكر ماكرون.