قبل أسبوع من انطلاق الحملة الانتخابية، يبدو أن مصلحة المشاركين في الانتخابات القادمة، تقاطعت عند نقطة انتقاد المقاطعين لهذا الموعد الانتخابي، فبعد أن تلقت القنوات المرخص لها بالممارسة مذكرة من وزارة الاتصال جاء فيها منع تدخل الداعين لمقاطعة الاستحقاقات القادمة، وجه المشاركون انتقادات حادة للمقاطعين. ويبدو أن الحملة الداعية لمقاطعة الانتخابات القادمة، والتي يقودها عدد من الأحزاب والنشطاء، الذين كانوا في وقت سابق أعضاء في هيئة التشاور والمتابعة للمعارضة أو التنسيقية من أجل الحريات والانتقال الديمقراطي، على غرار حزب جيل جديد وطلائع الحريات، قد أزعجت السلطة وأحزاب الموالاة، وحتى أحزاب المعارضة المشاركة، التي لم تتوان عن توجيه سهامها تجاه زملائهم السابقين، خاصة وأن حملة المقاطعة أخذت حيزا كبيرا عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وركز أصحابها على تشويه صورة المترشحين والتقليل من قيمة الموعد الانتخابي القادم، ناهيك عن المس بكل ما يرتبط بالعملية السياسية والانتخابية بصلة. وفي السياق، كتب رئيس حركة مجتمع السلم، عبد الرزاق مقري، عبر صفحته الفايسبوكية قائلا إن "مقاطعة الانتخابات حق، وتجريم من يقاطع جريمة"، في إشارة منه إلى بعض التصريحات التي سبق وأن أطلقها خاصة أمين عام الحركة الشعبية، عمارة بن يونس، ليضيف مقري قائلا "ولكن إن لم تكن المقاطعة ضمن مشروع آخر غير الانتخابات لتغيير النظام بالطرق السلمية فهو مجرد تلذذ بالقعود"، واعتبر ذلك "خطوة لإدامة النظام الذي نعارضه". وفي أحد تعليقات مقري أشار إلى أن "مقاطعة الانتخابات حق، ولكن ليست بطولة ما لم تكن ضمن حل آخر لتغيير النظام سلميا"، مضيفا "هي مجرد قعود وتلذذ الكلام بلا عمل". والشيء نفسه بالنسبة لمتصدر قائمة الاتحاد من أجل النهضة والعدالة والتنمية بالعاصمة، حسن عريبي، الذي وصف بعض المقاطعين للاستحقاق الانتخابي القادم بأنهم "مقطوعين"، وأضاف في منشور له عبر الفايسبوك إن "في المقاطعين مقطوعين يريدون أن يلبسوا لباس المقاطعين وهناك فرق كبير بين المقاطع والمقطوع"، معتبرا أن المقاطع "له وجود شعبي وصلة بالمجتمع"، لكنه قاطع لمبررات. أما المقطوع "فلا صلة له بالمجتمع ولا بالتراث فهو كائن غريب يريد أن يحدث كينونة جديدة في بيئة غير بيئته"، ومن أمثال هؤلاء حسبه "الشيوعيين وغلاة العلمانيين والملحدين"، واتهمهم عريبي قائلا "وهم الذين دسهم المخطط الصهيوديغولي في النظام والمجتمع منذ الثورة". وفي موقف مماثل، وصف وزير التجارة الأسبق، ورئيس الحركة الشعبية الجزائرية، عمارة بن يونس، المقاطعين، بأنهم "دعاة العودة بالجزائر إلى فترة التسعينيات"، في إشارة إلى أزمة تسعينيات القرن الماضي، كما وصم الأحزاب الإسلامية بالتشدد والإرهاب!! المقاطعون: مشاركتكم تعني الانبطاح من جهة أخرى، تحدث سمير بلعربي، أحد أعضاء هيئة التشاور والمتابعة للمعارضة، ممثل المجتمع المدني، والمروجين للمقاطعة عبر مواقع التواصل الاجتماعي، عن مشاركة كل أحزاب السلطة وأغلب أحزاب المعارضة بما فيها أحزاب التيار الإسلامي في تشريعيات 2017، قائلا إنه رغم امتلاكهم لإمكانيات مادية ولوجيستية ضخمة، "إلا أنهم لم يستطيعوا إحداث حركية في الشارع الجزائري توحي بوجود انتخابات"، معتبرا أن العزوف الشعبي الظاهر للعيان "أربك السلطة" التي سارعت حسبه لحث المسؤولين المحليين على الخروج للشارع والقيام بعملية تحسيس بجدوى المشاركة، مستنكرا التصريحات التي يشوبها "عنف لفظي وترهيب وتخوين للمقاطعين والداعين إليها"، معتبرا أن هناك "تخبط" خاصة على مستوى الأحزاب في مواجهة دعاة المقاطعة رغم أقليتهم العددية. أما القيادي في حزب جيل جديد، فرد على منتقدي مواقف حزبه قائلا "مواقفنا هي المشرفة وهي التي تعبر بصدق عن موقف المواطن البسيط الذي أصبح لا يهتم بالشأن السياسي"، مضيفا أن مطلب المقاطعة "نابع من مواقف مكرسة في وثيقة مزفران وما تبعها من بيانات". وقال إن "المشاركة في مثل هذه الاستحقاقات يعتبر رفعا للراية البيضاء". وأشار قائلا "نحن قلنا ولا نزال نقول أن المقاطعة الجماعية هي الحل".