وسَط مخاوفٍ من "إضطراباتٍ " شعبية وإحتجاجات بسبب نكث الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون بوعوده الانتخابية لسكان الضواحي ، عرضت الحكومة الفرنسية برنامجها ومخططها المالي لعام 2018 ، والتي أكدت فيهِ " وفاءهاَ " بوُعود الرئيس الإصلاحي ماكرون عبر عرض مشروع مُوازنة للعام 2018 يخفضُ العجز العام بناء على طلب بروكسل ويُقلص الضرائب مع السعي الى تشجيع النمو الاقتصادي. وأكد وزير الإقتصاد والمال برونو لو مير أن جميع الفرنسيين من دون إستثناء سيفيدون من الموازنة، وخصوصا لجهة تعديل الضريبة على الثروة بحيث لا تطاول من الآن وصاعداَ سوى الثروة العقارية وليس رأس المال، وذلك بهدفِ مُحاولة إحياء الإستثمار في الشركات. ويعتبرُ اليسار أن هذا التعديل الضريبي الذي يشملُ الأكثر ثراء هو بمثابة "هدية للأغنياء " ، كونهُ سيُخفف من ضرائبهم بمقدار 3,5 مليارات يورو. أما عائدات راس المال فستشملها الضريبة بنسبة ثابتة هي ثلاثون في المئة. وقال لو مير " نريدُ خلق ثروات قبل اعادة توزيعها "، مُعتبرا أن من الضروري أن تكُون الُموازنة في خدمة النمو والوظيفة . بدوره، إعتبر وزيرُ الحسابات العامة جيرالد دارمانان ان موازنة 2018 هي "مُوازنة اللإيفاء بالوُعود " في وقت تصاعدت فيهِ الإنتقادات، لكون تقليص الضرائب جاء لأقل من المُتوقع (سبعة مليارات يورو بدلا من عشرة) . ورحب المفوض الاوروبي للشؤون الإقتصادية بيار موسكوفيسي بهذا الأمر. لكنه إعتبر أن فرنسا يُمكنها ان تقوم بعمل أفضلٍ لافتا إلى أن "مُعدل العجز في منطقة اليُورو هو 1,4 في المئة وليس 3 في المئة " . أما المُتحدث باسم الحكومة كريستوف كاستانيه فقد قال :" كان من الضروري ان نسلك مجددا طريق الحوار مع اوروبا " ، مُشيرا الى أن " السياسات التي ننتهجها تعزز صوت رئيس الجمهورية في المشروع الطموح لاعادة تأسيس اوروبا"، في اشارة الى اقتراحات ماكرون الثلاثاء لاصلاح الإتحاد الأوروبي " . وأضاف كاستانيه " ليس لدينا سوى هدف واحد هو عكس إتجاه الانفاق العام " ، وتسعى المُوازنة الى تقليص الإنفاق بواقع 0.7 نقطة ما يعني اقتطاعات غير مسبوقة في الموازنة تقدر ب16 مليار يورو. وسيشملُ خفض الانفاق ثلاثة قطاعات خصوصا، هي التوظيف مع خفض ملحوظ في المساعدات التي تقدمها الدولة للشركات لتشجيع التوظيف، والسكن مع خفض المساعدات المقدمة الى الأسر الاكثر فقرا، والنقل مع تجميد عدد كبير من مشاريع البنى التحتية الكبرى. كما تعتزم الدولة الغاء 1600 وظيفة في القطاع العام وخفض نفقات الضمان الاجتماعي بنحو 5,5 مليارات يورو. وبالاضافة الى خفض الضرائب، ستكرس موازنة العام 2018 زيادة الأموال المتصلة بوعود ماكرون خلال حملته الانتخابية وبينها تعزيز الامن وتحسين رعاية الاطفال ذوي الحاجات الخاصة وتحسين المساعدات للعاملين من ذوي الدخل المتدني. وتعول الحكومة لتحقيق هذا التوازن الدقيق، على تحسن اقتصادي ترافقه عائدات إضافية ونمو بنسبة 1,7% العام المقبل. وراى المجلس الاعلى للمالية العامة، وهو هيئة مستقلة مكلفة تقييم مصداقية التوقعات المالية، ان "مشروع الاقتصاد الكلي" المقترح "منطقي" مشيرا الى ان جهدا تم بذله للتوصل الى "موازنة اكثر واقعية"، لكنه حذر في الوقت نفسه من "مخاطر كبيرة" تتعلق بالتوفير الذي تعهدت الحكومة تحقيقه.