اتخذ التوتر المتزايد بين تركياوالولاياتالمتحدة منعطفًا حادًا يوم الأحد، عندما تبادلت الحكومتان بالإعلان فجأة عن إلغاء معظم تأشيرات الزيارة بين البلدين؛ ما أدى إلى انتشار البلبلة بين المسافرين واتساع الصدع بين الشريكين في حلف شمال الأطلسي ال"NATO". وبدأت الأزمة مع الولاياتالمتحدة، عندما أعلنت السفارة الأمريكية في العاصمة التركية أنقرة عن وقف جميع خدمات تأشيرات السفر لغير المهاجرين فوراً في منشآتها الدبلوماسية عبر تركيا. ويبدو أن هذه الخطوة الانتقامية، جاءت بعد أيام من قيام حكومة الرئيس رجب طيب أردوغان باعتقال موظف في القنصلية الأمريكية في إسطنبول. وقال بيان صادر عن السفارة الأمريكية إنها (السفارة) ستحد من بعثات الزائرين للولايات المتحدة، في حين أنها "تشدد" على التزام تركيا بأمن الموظفين الأمريكيين، في توبيخ استثنائي ألقى الضوء على سرعة تدهور العلاقة بين الحليفين منذ فترة طويلة. وفي غضون ساعات قليلة، أصدرت السفارة التركية في واشنطن بيانًا متطابقاً تقريبًا يعلن عن تعليق تأشيرات غير الهجرة للمواطنين الأمريكيين. التحركات الانتقامية توضح كيف أن التحالف بين تركياوالولاياتالمتحدة، المتمركز في الأمور العسكرية والاستخبارات والعلاقات التجارية، قد تداعى في الأشهر الأخيرة بسبب سلسلة من الخلافات العميقة حول الحرب في سوريا ومصير "فتح الله غولن" رجل الدين التركي الذي يعيش في المنفى بولاية "بنسلفانيا"، والمطلوب للسلطات التركية. وقوضت هذه القيود تعهدات الرئيس ترامب بإصلاح العلاقات الأمريكية التركية، التي أصبحت متوترة أثناء عهد إدارة الرئيس باراك أوباما. وجاء تصاعد التوترات أيضا على الرغم مما يشاع أن هناك علاقات شخصية دافئة بين أردوغان وترامب تمتد لبضع سنوات سابقة. وخرجت هذه الخلافات بين الحكومتين إلى العلن بعد إلقاء القبض على "ميتين توبوز" موظف القنصلية الأمريكية في الأسبوع الماضي. وتتهم السلطات التركية "توبوز" بالتجسس والارتباط بغولن رجل الدين المنفي. وردت السفارة الأمريكية على ذلك في بيان لها، قائلة إنها "منزعجة للغاية" لإلقاء القبض على "توبوز" وإن التهم الموجهة له "ليس لها أساس". وفي اجتماع مع الصحفيين الأتراك، قال "جون باس" سفير الولاياتالمتحدة السابق لدى تركيا، إن القبض على "توبوز"، "لا يبدو سعياً من أجل تحقيق العدالة. بل يبدو أنه سعي للانتقام". منعطف غير عادي وقف التأشيرات بين البلدين يمثل بدوره انعطافًا غير عادي محفوفًا بالمخاطر في العلاقة بين البلدين، ويقول المحللون إنه سيؤثر على أعداد لا تحصى من المسافرين بمن في ذلك السياح ورجال الأعمال والطلاب وغيرهم. وقال "سونر كاجابتاي"، مؤلف "السلطان الجديد" وهو كتاب عن أردوغان، "أعتقد أن كل شيء يمكن أن يخرج عن مساره، هناك نقص ثقة عميق جداً في العلاقات الثنائية، لا سيما فيما يخص أردوغان". واستشهد "كاجابتاي" بقرار تركيا أخيرا القاضي بشراء نظام دفاع صاروخي أرض- جو من روسيا كدليل على شك "أردوغان" المتزايد في الولاياتالمتحدة وحلف شمال الأطلسي، وموضوع قيام تركيا علنًا بشراء الأسلحة للدفاع عن نفسها ضد الغرب. وقال "كاجابتاي"، "إنه لا يثق بالولاياتالمتحدة على الإطلاق". غولن مقابل القس وفي داخل البلاد، تواصل تركيا شن حملة واسعة على المشتبه فيهم في الانقلاب الفاشل، وقامت أيضاً بإلقاء القبض على عشرات من الأكاديميين والصحفيين، والمعارضين السياسيين ومنتقدي الحكومة العاديين. وشملت هذه الاعتقالات العديد من المواطنين الأمريكيين بمن في ذلك القس "أندرو برونسون" من ولاية كارولينا الشمالية، الذي تم اعتقاله في شهر أكتوبر الماضي. وأشار أردوغان إلى "برونسون" في الخطاب الذي ألقاه أخيرًا ووبخ فيه إدارة ترامب، وقال إن اعتقال الأمريكيين هو بمثابة ورقة للمساومة في النزاع بين تركياوالولاياتالمتحدة. وقال أردوغان، "أعطونا هذا القس"، مشيرا إلى "غولن"، "وسنفعل كل ما بوسعنا في الجهاز القضائي لإعطائكم هذا القس". مشيراً إلى "برونسون."