ولد عباس يهادن.. بن يونس يتبنى الإضرابات وأويحيى يتوعد أفرزت الحركة الإحتجاجية التي يشهدها قطاع الصحة والتربية، تصدعا في معسكر الموالاة واكدت غياب الانسجام بين قطبي السلطة الافالان والارندي بشكل خاص والذي يبدو أنه يوجد في المربع الضيق بسبب نظرته التي تتعارض مع رؤية عمارة بن يونس، ففي وقت أطلق أحمد أويحيى هجوما عنيفا على النقابات التي تقف وراء الإضرابات، هادنها ولد عباس وأطلق وساطة للحوار والتهدئة فيما أيدهاعمارة بن يونس لتتلاقى مواقف أحزاب السلطة مع رؤية بعض احزاب المعارضة. ويعيش الشارع منذ قرابة 3 أشهر توسعا في الحركات الإحتجاجية وتصعيدا غير مسبوق بسبب عدم توصل النقابات المستقلة التي تقف وراء هذه الإضرابات إلى أرضية توافق مع السلطات المعنية للحوار وتسوية مطالبها. وفي حين فضلت أحزاب السلطة تفادي المواجهة مع حراك الشارع في بدايته واكتفت بتبني مواقف غير واضحة من إضرابات الأطباء والمدرسيين عبر الاعتراف ب«شرعية المطالب"، مقابل مراعاة الظروف للبلاد، صعدت النقابات لهجتها وتمسكها بخيار الإضراب وعدم التراجع وأجبرت الأحزاب السياسية الموالية على الخروج من موقف الصمت ومن عباءة المتفرج، إلى ضرورة التفاعل والإعلان الصريح والمباشر عن مواقفها والعمل بما تقتضيه الأعراف السياسية، باعتبارها الاحزاب الأكثر تمثيلا للشعب والعمل على التدخل لإيجاد مخرج لهذه الأزمة التي عصفت بقطاعين حساسين، لكن خرجات قادة المعسكر الموالي لم تكن متناسقة وأظهرت عدم انسجام بين قطبي السلطة بالرغم من شراكتهما ودعمهما لبرنامج الرئيس، الذي عين أويحيى وزيرا أول وزكى ولد عباس أمينا عاما للحزب الذي يرأسه، حيث فضل الأمين العام للأرندي في أول تعليق له على إضراب الأطباء والاستاذة شن هجوم عنيف مصوبا جملة انتقادات إلى النقابات التي تقف وراء هذه الحركات وأظهر أويحيى تشددا تجاه المضربين، مساندا قرار وزيرة التربية نورية بن غبريت في مسألة فصل الأساتذة المضربين، متوعدا إياهم في حال استمر "عصيانهم" بتطبيق سلطة القانون. في حين وصف إضراب الأطباء المقيمين ب محاولة تصحير باقي مناطق الوطن من العلاج". الموقف هذا كان متناقضا تماما مع تصريحات الأمين العام للأفالان الذي جعل من التصعيد الذي تشهده الجبهة الإجتماعية محورا لخرجاته المتتالية في الأونة الأخيرة، حيث تنبني موقف مغاير لغريمه اويحيى وجنح نحو لغة مهادنة وفضل في مختلف محطاته الإعتراف بشرعية مطالب الأطباء، مؤكدا أن الحزب يتابع تطّور الأوضاع الاجتماعية في البلاد، وأنه أوعز لوزراء حزبه في مختلف القطاعات باحتواء الموقف والاستجابة للمطالب الشرعية للمحتجين، تفاديا لأي تصعيد يمهد الأرضية لاستثمار سياسي ومحاولة لتصفية الحسابات على حد تعبيره، بل استند إلى قوته كأول حزب سياسي من حيث التمثيل البرلماني والمحلي ليعلن عن إمكانية لعب الأفلان دور الوسيط بين الحكومة والمضربين، قائلا بشأنه "لم تعرض علينا الوساطة، لكن نحن مستعدون للوساطة لضمان أمن واستقرار البلاد، لأن ثمة من يريد أن يستغل الظروف التي تمر بها البلاد من أجل "التخلاط". وفي الجبهة نفسها وقف رئيس الحركة الشعبية الجزائرية عمارة بن يونس ليوثق موقفا متناسقا مع الأفالان، واضعا الأرندي وزعيمه احمد اويحيى في المربع الضيق بسبب أحادية نظرته لما يحدث في الشارع، حيث اعترف بن يونس بشرعية مطالب الاطباء وتبنى مطلب الخدمة المدنية الذي يرى أنه فاشل بوجود 90 بالمائة من الأطباء في الشمال، حيث قال إنها لم تعد مجدية بعد مرور أزيد من 20 سنة على إقرارها.ولم تقتصر تصريحات بن يونس، على انتقاد نظام الخدمة المدنية فحسب، وإنما تحدث عن أجور الأطباء فقال: "الأزمة الاقتصادية التي تمر بها البلاد تجعل الزيادات في الأجور مستبعدة لكن ذلك لا ينفي أن مرتبات الأطباء المقيمين زهيدة وضعيفة إذا ما قارناها بقطاعات أخرى كموظفي أعوان الأمن في عديد الشركات الكبرى". ولم يكن موقف القوى المعارضة بعيدا عن موقف الأفالان وحتى الامبيا على الرغم من أن المعارضة ترى أن الغليان الإجتماعي هو نتيجة حتمية لفشل سياسات الحكومة وخياراتها في الخروج من الأزمة الاقتصادية الخانقة، على حد وصفها للوضع.