يعتبر الكاتب لحبيب السايح الذي أصدر روايته الجديدة ''زهوة'' قبل أيام، أن الرواية الجزائرية لحد الآن لم تتمكن من تمثل المفارقة التاريخية لتراكمات الحراك الاجتماعي في مختلف المفاصل المهمة، بداية من صدمة الاستعمار، إلى غاية الإفرازات المدهشة في بداية هذا القرن، مطالبا بضرورة أن يقاطع مسار الرواية الجزائرية التي تكتب حاليا، المسارات التي يسلكها الحراك الاجتماعي في الجزائر اليوم. الحبيب السايح من الروائيين الجزائريين الكبار الذين يصطادون اللحظة التاريخية الفارقة، ويترصدون تجلياتها غير المخيلة، والتي لا ينتبه إليها المتتبعون فيخوض في أسرارها ويعارك طلاسمها، فيعيد بناء نسيجها عبر قوالب جمالية أقرب إلى السحر والإبهار. وبخصوص حكاية روايته الجديدة ''زهوة'' الصادرة عن ''دار الحكمة''، يقول السايح إنه يحب أن يترك للقارئ اكتشاف النص المبني فعلا على حكاية، ولكن المشَكّل أساسا على البلاغة وعلى المشهدية المركبة، مضيفا ''لم أكتب يوما تحت أي ضغط طارئ، حتى في ذروة أيام المحنة الوطنية، ومن هنا فإن رواية زهوة كانت تنكتب منذ ثلاثة أعوام، وصدورها في هذه الظروف يعني أيضا أن الحياة مستمرة بكل وهجها الجميل'. وبخصوص إمكانية تزامن ميلاد كتابة روائية في الجزائر تناسب إفرازات المرحلة، يرفع لحبيب السايح السقف ويؤكد أنه لا بد أن يقاطع مسار الرواية الجزائرية التي تكتب حاليا المسارات التي يسلكها الحراك الاجتماعي في الجزائر، وما سيترتب عليه من تحولات في الذوق وفي اللغة، أي من استعارات جديدة. وعليه لا بد من الانتظار، لأن الرواية تكتب على مسافة من الوقائع التي تعيد تخييلها. وللمفارقة، فإن ما يحدث في الجزائر منذ صدمة الاستعمار مرورا بالمقاومات وبحرب التحرير، التي أنهت وجوده، ووصولا إلى ''انتفاضة أكتوبر ''1988 التي أعقبتها محنة وطنية، لم تستطع الرواية الجزائرية بعدُ أن تتمثله، ولعل ذلك يرجع إلى ضخامته، وعليه فهو يتطلب جهدا ووقتا أزيد لاستيعابه. وعن خصوصية نصوص السايح، ومدى ملاصقتها لتراكمات التجربة التاريخية للذات الجزائرية، وإمكانية استنطاقها لكوامن هذه الذات، يقول لحبيب ''إن هذا الذي أشتغل عليه ضمن مشروع كتابتي الروائية، هو نقل نبض هذه الذات الجزائرية، ونص زهوة عبارة عن حوارية مع هذه الذات، وسيكتشف القارئ الجهد المبذول في مقاربة ما يشكل هذه الذات على مستوى الدوال والمدلولات،'' مضيفا ''أحببت أن تستثير زهوة حواس القارئ.. شمه ولمسه وبصره ومذاقه''.