يعتقد الموسيقار العراقي نصير شمة في حديثه ل''البلاد''، أن المثقف العربي كان يشكل سابقا، وقبل الثورات التي تعرفها المنطقة العربية، مصدر قلق بالنسبة للحكام بالنظر إلى مواقفه الصلبة والجريئة، مما فرض إقصاءه وتهميشه من المشهد بناء على طلب من هؤلاء الحكام الدكتاتوريين، مضيفا أن المثقف العربي كان دائما محيّدا مما أوجد فراغا ثقافيا كبيرا سببه تسلط الحكام، وبالمقابل أصبح المثقف العربي اليوم يعرف صحوة سببها ثورة الشعوب العربية، وخروجها عن صمتها بعد سنوات من الظلم والاضطهاد وكبت للحريات الأساسية· ويقول محدثنا في هذا الإطار ''بدأ المثقفون يستعيدون أدوارهم ويشكلون وحدة من أجل مستقبل عربي أفضل، ولكن ليس بلغة السلاح والرشاشات، وإنما من خلال تصحيح مسارات الشعوب المغلوبة على أمرها وتصويبها وفتح آفاق جديدة على أساس الوعي بالحقوق''· وفي معرض حديثه، عدد الموسيقار نصير شمة جملة من الأسباب والدوافع التي كانت وراء صحوة الشعوب العربية الثائرة ضد أنظمتها الدكتاتورية؛ أهمها تراكم الظلم وغياب الحقوق الأساسية لعدة سنوات في ظل أنظمة فاسدة وهرمة ضيعت أحقية شعوبها في العيش الكريم، وأوجدت عدم التوازن في توزيع الفرص بينهم، إضافة إلى تردي المستوى المعيشي في ظل فساد سياسي أحدث حالة من ''الكبت المؤلم والمتراكم'' دفعت بالشعوب العربية إلى الانفجار ووضع حد لكل ذلك التسلط· وبالنسبة لما يعرف ب''نظرية المؤامرة'' والتوقيت ''الغريب'' الذي تفجرت فيه الثورات، يقول شمة إن ذلك يبقى مستبعدا، وأحزاب المعارضة التي تقود الاحتجاجات تشتغل حينما تجد أرضية خصبة في الغالب، لكنها عندما تمسك بمقاليد الحكم، ستكون أسوأ من القادة ذاتهم، وعليه فإن الثورات جاءت من رغبة الشعوب في التغيير، مضيفا أن أهم سبب في اندلاع الثورات أيضا هو حادثة الشاب التونسي ''محمد البوعزيزي'' الذي أشعل فتيل الثورات وكسر حاجز الصمت والخوف عند الكثيرين، كما جاء على لسانه· وفي السياق ذاته، يتوقع الموسيقار نصير شمة أن تشمل الثورات الحاصلة في مختلف الدول العربية مناطق أخرى ''أتصور أن يحدث أكثر مما هو حاصل اليوم، فتغيير عشرة أنظمة ليس بالهدف الأسمى، فلا بد أن تشمل الثورات كل نظام مستبد في مختلف أرجاء المنطقة العربية التي تعرف فسادا كان سببا في قيام الثورات التي نشهدها، وسيكون سببا لثورات لاحقة''، على حد تعبيره· من ناحية أخرى، تحدث نصير شمة عن تأسيس ''بيت العود'' في قسنطينة الذي أعلن عنه خلال زيارته الأخيرة للمدينة في إطار مهرجان الإنشاد الديني، موضحا أن هذا المشروع يبقى مرهونا بقرار من الجهات المسؤولة في وزارة الثقافة الجزائرية ''الكرة الآن في ملعب الدولة الجزائرية، وما أنا إلا مساعد في هذا المشروع الذي بدأت أستعد له استعدادا تاما من أجل إنجاحه في انتظار أن تفتح الجهات الثقافية ميزانية معتبرة له ومقرا دائما''·