البلاد - عبد الله ندور - ما هو تقييمك الأولي لمبادرة التوافق الوطني؟ المبادرة أظهرت حاجة الساحة السياسية إلى حراك سياسي وتفاعل ومبادرات مختلفة، لأنه بمثل هذا العمل الذي فيه تواصل بين الأحزاب يمكننا معرفة وبقرب ومباشرة حدود أفكار وأطروحات الأحزاب بخصوص الوضع الراهن، وتستطيع من خلال ما تعرضه لتعرف ما هو مقبول عند الأحزاب وما هو مرفوض ومتحفظ عليه، وهذا بحد ذاته شيء إيجابي ويتركك تعمل في المستقبل إذا كنت تريد تقاربا أكثر من خلال تعديل أفكارك لتتجاوب وتواصل مع الساحة السياسية. ومثل هذا العمل يحتاج لطول نفس وتواصل مستمر، والحركة من خلاله استطاعت معرفة ما عند الآخرين مما عندها وما مدى قبول الآخر لأفكارنا، وهو ما يشكل لنا أرضية لمتابعة المشاورات، سواء من حيث إحداث تحيين أو تعديل ما تم طرحه أو العمل ضمن ما هو متفق عليه. هل الحديث عن المؤسسة العسكرية من طرف القيادة أضر بالمبادرة والحركة بصفة عامة؟ المؤسسة العسكرية في البلد والدولة يجب أن تبقى سيادية بحكم الدستور، وأي إقحام لها بأي شكل من الأشكال سيعرقل النقاش ويجعله يتمحور أو حبيس هذه المؤسسة، وهذا ما حدث ولا حظه الجميع عندما كان الحديث عن المؤسسة العسكرية كل الناس والأطراف السياسية انصرفت للحديث عن تدخل المؤسسة العسكرية وحيادها أكثر من الحديث عن القضايا السياسية الأخرى. وعليه، فإن الحركة تعبت وأخذت وقتا لتشرح وتوضح وتعلل ذلك الحديث بدل شرح المبادرة في المجالات الأخرى. أقول كان من الأنسب أن تبقى المؤسسة العسكرية كما هو معلوم لدى الجميع، حيادية، والجيش أكد هذا الموضوع في العديد من المرات. وبذلك ننصرف للحديث عن باقي محتويات المبادرة ما من شأنه أن يعطينا تقدما في التواصل. هل بإمكان المبادرة النجاح أم هي لإبراء الذمة لا غير؟ في العمل السياسي لا يوجد مصطلح إبرام ذمة، هذا المصطلح يكون في قضايا الشهادات والأمور الدينية. أما في السياسة فأنت تحاول دائما وأن تسعى لما تتوافق به مع الأخر ولا تترك جهدا للتواصل، لأن هذا شأنك وهذا ما يجب العمل عليه. وعندما تقول إبرام الذمة في البداية فأنت تحكم على العمل بعدم طول المدة، أو تريد أن تنتقل لشيء آخر. أما المبادرة فجاءت في الطريق فقط. وعندما يسمع الآخر هذه الكلمة "إبراء الذمة" قد يتعنت ولا يقبل أي شيء آخر ومعناها أيضا أنك لست حريصا وفي السياحة يوجد الحرص. ربما ما تطرحه من أفكار لا تقبل اليوم وتقبل بعد 6 سنوات وتجربة نحناح ليست علينا ببعيدة وهو الذي دعا للمصالحة سنة 1994 وفي 1997 بدأت المفاوضات وفيما بعد توصلنا للمصالحة الوطنية. نحن كسياسيين علينا أن نؤدي أدوارا وواجبات ونحاول التواصل مع الآخر.. ويعذر بعضنا فيما اختلفنا عليه ونعمل فيما اتفقنا عليه. قيادات الحركة اعتبرت التوافق على الرئيس بوتفليقة تعجيزي، هل الحركة فصلت في هذا الملف؟ الموضوع حسم لدى أحزاب الأغلبية، على غرار حزبي جبهة التحرير الوطني والتجمع الوطني الديمقراطي والكثير من الأحزاب والشخصيات السياسية. في حين الحركة تطرح التوافق، وتريد أن يبقى الباب مفتوحا في هذا الجانب. وعليه أقول إن هذا الموضوع يصبح لا جدوى منه في الحوار. أما خيارات الحركة في الرئاسيات فمؤجلة لغاية انعقاد مجلس الشورى الذي سيناقش الخيارات وحصيلة المبادرة، ومن السابق لأوانه الحديث عن خيارات الحركة في الرئاسيات. ولكن قضية التوافق خلال الرئاسيات نقطة جوهرية في المبادرة.. المبادرة لا تطرح فقط فكرة الرئاسيات، رغم أنها جوهرية، وفي النهاية نحن أمام واقع سياسي، غيرنا من حقه أن يرى أشياء محسومة، ولا يمكن إلزامهم أو مناقشتهم في خياراتهم.. ما تعليقكم على شروط بن ڤرينة للوحدة مع الحركة؟ أولا مسعى الوحدة مع التغيير جاد وأثمر، رغم وجود طبيعة الأزمة التي كانت في الحركة، وعلى بن ڤرينة أن يدرك إذا أراد للأمور أن تنجح ونحن نتمنى ونسعى لأن تنجح، أنه لا يجب وضع لها شروط لا من جهة حركة مجتمع السلم ولا من جهة البناء، لأن الشروط المسبقة وفي الإعلام خصوصا، حتى قيادة حمس لم تسمع بها إلا كما سمع باقي الناس في الإعلام. أقول هل هذه الشروط موجهة للحركة أو هي موجهة لجهة أخرى أو طمأنت جهة أخرى. اللجنة المشتركة تشكلت وكل شيء يناقش في مؤسسات الحركتين ويقرران سواء الالتحاق، الوحدة، أو التنسيق بما يتوصلوا إليه. أما تحديد تصور للوحدة مسبق وتحديد آليات للوحدة مسبقة فهذا حكم على الوحدة من جهة واحدة، والمفروض يترك هذا للنقاش، فلتكن عندهم شروط لا مانع من ذلك، ولكن لا تكون علنية بل متروكة تناقش داخل اللجنة. ويبدو لي أن بن ڤرينة غير متحمس أو غير متفائل بالقدر الكافي ولكن اللجنة المشتركة ومؤسسات الحركتين هي التي ستعمد لإخراج الوحدة بما يريح المناضلين.