الرواية الأمريكية لقصة ''بن لادن·· والبحر''، المنتجة من طرف مخابر ''سي آي أي''، مازالت تصنع الحدث الإعلامي والعالمي الأكبر لما اكتنفها من شكوك تجاوزت قدرة العقل على بلع الأحداث كما رويت وكما صورت وكما أريد لها أن ترسخ، فبين أن تزيل أمريكا اللبس عن العملية الخارقة (؟؟) التي مكنت قوات الصاعقة الأمريكية من المبيت والصيد سرا وبسهولة و''سيولة'' تامة فوق سيادة ''باكستان'' يقال إنها نووية، أظهرتها الراوية عارية وخاوية على مخابراتها و''نوويتها''، وبين رفض أوباما رفع الحظر عن صور العملية وإصراره على أن صور جثة بن لادن ستظل حقا محفوظ التأليف لأمريكا تحت حجج واهية وماهية، تتعلق بأمن الأمريكيين (؟؟) وخوف رئيسهم من الانتقام إذا ما تم نشر صور نزول أول رجل فوق ''البحر'' أو فوق القمر، فإن الثابت في القضية لم يعد في ''البحر'' الذي التهم الجثة ولكن في نوعية و''ماركة'' الكاميرا التي التقطت بها الصور الأخيرة لبن لادن منتهي البث تحولت صوره، وليست جثته، إلى قضية أمريكية تتعلق بالأمن القومي الأمريكي الذي أثبتت الرواية بصيغتها الحالية بأنه بلغ من الهشاشة لدرجة أنه إذا ما تمكن ''ويكيليكس'' يوما ما من تسريب الصور، فإن أوباما وأمريكا سيسقطان··المخابرات الباكستانية التي نفخوها في سابق ''النووي'' والإعصار، حينما تداولوا في ثمانينيات القرن السابق على أنها استطاعت مخادعة العالم جميعه لتفاجئه بالقنبلة الذرية الإسلامية وتصبح دولة نووية وكمياوية تنافس الكبار في محافل النووي، ظهر أنها ''بعبع '' مثلها مثل بن لادن، فكلاهما سقط بالضربة الجوية القاضية· وإذا كانت نهاية '' بن لادن'' بتلك الطريقة المبتذلة التي قدمها أوباما المزهو بفرقته العسكرية الخاصة، لا تزال تحتاج إلى دليل يزيل دجل أمريكا وجدل الإعلام الدولي حول مصداقية وصدقية الراوية، فإن الباكستان النووية هي الخاسر الأكبر في عيش ''بن لادن'' ثم مقتله في استعراض عسكري أمريكي على بعد خطوات من ثكنة عسكرية كبيرة، ظهر أنها للزينة النووية لا أكثر ولا أقل، وخاصة أن دولة ''بنظير بوتو'' تابعت أخبار العملية الواقعة في أراضيها، مثلها مثل كل الناس، لتهرع أجهزة المخابرات الباكستانية بعد تنظيف المنزل ''المفترض'' من طرف الأمريكيين وتعلن للعالم، في استغباء واستقواء متأخر، أنها رفضت طلبا أمريكيا بتسليم ابنة بن لادن الصغرى وإحدى زوجاته بالإضافة إلى شلة من الأطفال، كان الكومندوس الأمريكي قد نسيهم في المنزل بعد انتهاء العملية ليطالب بهم بعدها في مفارقة لا يمكن فصلها عن سياسة الدجل العقلي الممارس في حق شعوب عربية رموا عقلها في البحر ولا يزال مسلسل العرض مستمرا··بن لادن انتهى، وسواء مات منذ زمن في عارض ''شيخوخة'' متعارف عليه ليتم التحفظ على موته بعد تحنيط جثته لغاية انتخابية أمريكية العرض، أو تم قتله وفق رواية الجندي الأمريكي الخارق الذي يقطع مئات الآلاف من الكيلومترات ليقتل ثم يعود غانما دون أن يترك وراءه ولو ''أزير'' طائرة أو بصمة أصبع تدل على مروره الخارق، فإن ما هو متوفر من المخادعة الكبرى، أن المخابرات الباكستانية التي لم تحط بما ليس لها به علم، قد عثرت أخيرا على دليل حي يثبت أن العملية قد جرت فوق أراضيها، و هوية الدليل طفلة تبلغ من العمر اثنتي عشرة سنة هي الآن تحت الحراسة الأمنية الباكستانية المشددة، وقد أيدت تلك الطفلة، وهي الابنة الصغرى لبن لادن، الرواية الأمريكية بعدما نقلت صحيفة ''ديلي تلغراف'' البريطانية على لسانها ''البريء'' أنها كانت شاهد عيان على مقتل والدها الذي لم يقاوم ولم يكن مسلحا، والذي تم اعتقاله حيا، قبل أن يفرغ الكومندوس الرصاص في رأسه ببرودة دم أمريكي·· وهو ما يعني أخيرا أن العالم وأمريكا وأوباما قد عثروا على شاهد عيان يؤيد رواية ''القنص'' الأمريكي· وفي انتظار أن تظهر ''سمكة'' من البحر الذي رميت فيه جثة بن لادن، وتعلن شهادتها التي تزيل الشكوك الحائمة حول رواية ''البحر''، فإن أوباما لن يفرج عن الصور، وما على المشككين إلا البحث عن ''سمكة'' أفريل أو سمكة ماي التي ابتلعناها معا في قضية ''القاعدة'' وفي ثورة ليبيا وفي قصص ''شاهد'' العيان الذي أرخ لمشاهد الثورات في تونس ومصر وليبيا وسوريا، قبل أن يحط رحاله بباكستان، ليسجل تاريخ الأمة العربية بأن أمريكا لم يعد يهمها في موضوع رميها لنا في البحر إلا شاهد عيان مطلوب شهادته حيا أو ميتا·· وكالة ''رويتز''، انفردت بنشر صور الأشخاص الذين قتلوا مع ''بن لادن'' في مجمع أبوت أباد، وبغض النظر عن أن الصور المنشورة أظهرت أن حراس أخطر رجل في العالم، كانوا يحرسون زعيمهم بملابس نوم عادية وغير مفخخة، وأن ما قيل عنه مجمع محصن أمنيا يراقب حتى ''الفضلات'' ويحرقها حتى لا تثير الشبهات، لم يكن سوى مرقد مفتوح لمن يمتلك ملابس نوم، فإن الأهم في الصور المعروضة أن أحد القتلى وجدت بيده اليمنى لعبة مسدس مياه بلاستيكي ذي لون أخضر برتقالي· والسؤال الأحمق في قضية الحال، ترى هل كان ''بن لادن'' يتحصن بالمسدسات المائية لحمايته من أي طارئ أمريكي، حتى يكون مآله البحر؟·· هي لعبة إذن·· لعبة ''بلاي ستايشن'' بدأت ثم طفت فوق الماء ليكون مآلها الماء بعدما أكد أوباما أن غريم أمريكا وعدوها قد دفن في الماء··نهاية الأمر·· القصة من البداية التي كتبها بن لادن وصولا إلى النهاية التي ختمها أوباما، لا تخرج عن أفلام ''الأكشن'' النفطية، وسؤالها العالق: ترى لماذا البيطري بالذات؟·· هو سؤال خارج النص، يمكن أن تفسره هذه النكتة الأمريكية المشهورة·· والتي كان بطلها بوش، قبل أن يسطو عليها أوباما··· ومختزلها أن الغابر بوش دخل في اجتماع مغلق مع صديقه توني بلير على هامش قمة كبار لتقرير شيء ما، وحينما خرج الرجلان من الاجتماع، سألهما الصحفيون عن القرارات المهمة، فكان رد بوش أو ''أوباما''، لقد قررنا قتل عشرين مليون عربي وبيطري واحد··· وبالطبع فإن الصحفيين اجتمعوا على سؤال واحد مفاده: لماذا بيطري بالذات؟··ليهمس بوش أو أوباما في أذن توني بلير أو نيكولا ساركوزي··ألم أقل لك إنهم سيسألون عن البيطري ولا تهم ''ليبيا'' أو العشرون مليون عربي·· النكتة واضحة وبسيطة المغزى·· فبدلا أن يسأل العرب عن الهدف من دفن بن لادن في البحر، ودفن ليبيا في ''النفط''··راح الجميع يسأل أين هي ''الصورة''·· صورة بن لادن وهو ميت·· وليس وهو ''حي''·· فهل هناك دجل أكثر من هذا؟