القيم الإنسانية وسلمية التظاهر أدخلت حراك الجزائريين في العالمية البلاد - حليمة هلالي - لم تفلح لا التعزيزات ولا الخناق الأمنى من عزم الجزائريين على الخروج الى المسيرة الثامنة ومواصلة احتجاجاتهم ضد بقايا النظام، وغلبت القيم الإنسانية على المظاهرات السلمية المنظمة في مختلف أرجاء البلاد. ولعل البريد المركزي بالعاصمة كان نقطة لقاء بين الجزائريين حيث أبرز الصورة بوضوح للعالم أن الشعب موحد على هدفه وهوإقالة الوجوه الاستفزازية وإحالتها إلى المتحف أوإلى القضاء. سلمية الحراك تشدّ انتباه العالم وتتصدر كبرى العناوين شدت سلمية الحراك الشعبي وتنظيمه كبرى الصحف العالمية وكاميرات التلفزيونات العالمية التي أشادت بها وبقيم الشعب الجزائري في كيفية إيصال رسائله بكل الطرق شرط أن تكون هادفة بعيدة عن كل العنف أو الانزلاقات. فمنذ بدايتها كانت المتابعات مختلفة من المؤسسات الإعلامية العالمية.
التشديدات الأمنية فشلت في كسر حراك الشعب فشلت التعزيزات الأمنية في منع القادمين من الجهة الشرقية ومن ولايتي تيزي وزو والبويرة، من الدخول إلى الجزائر العاصمة في كسر الحراك الشعبي حيث شهدت العاصمة وقفات احتجاجية بكل من البريد المركزي وساحة موريس أودان، تنديدا بالإجراءات القمعية التي أقرتها السلطات لإجهاض المسيرات فقامت بإغلاق منافذ العاصمة ما تسبب في اختناقات مرورية ضخمة امتدت إلى مداخل ولاية البويرة. وتم تكثيف التواجد الأمني بقلب العاصمة وعلى غير العادة، يحاول عناصر الأمن اقتحام سلالم البريد المركزي حيث احتشد الآلاف منذ الساعات الأولى من صباح الجمعة ليعلنوا تراجعهم خلال ساعات من الحراك الشعبي.
دموع ودعاء لرجال الأمن وشعار "نحي الكسكيطا ورواح معنا" يدوي في الحراك تعالت الدعاوى لرجال الأمن من طرف المواطنين ومطالبتهم بالانضمام إلى الحراك الشعبي كونهم من أبناء الشعب. وبعد الإنزال الأمنى تعالت الشعارات المرددة "نحي الكسكيطا وارواح معانا" وخلال منتصف النهار بدء عناصر الأمن بالانسحاب من البريد المركزي في حين تداول مستخدمو التواصل الاجتماعي صورا لرجال الأمن وهم يذرفون الدموع وبعض منهم من قدم لهم الإعلام ودعوهم إلى نزع القبعة والمشاركة في الاحتجاج. ورغم الحضور الكثيف لعناصر الأمن الذين يقومون بتأمين المسيرات، ورغم المناوشات الطفيفة التي حدثت مع المتظاهرين في اليومين السابقين، إلا أن بعضهم بدوا متعاطفين مع المتظاهرين، كما أبدى المتظاهرون تعاطفهم مع رجال الأمن. كما انسحب عناصر الأمن قبيل انطلاقة المظاهرات من ساحة البريد المركزي بهدوء بسبب الأعداد الهائلة للمتظاهرين. حراك الجمعة الثامنة متواصل "ضد الباءات ال 4" أجمع المتظاهرون للجمعة الثامنة من الحراك الشعبي، على أن يبقى شعار المتظاهرين موحدا لرحيل كل رموز النظام وفي مقدمتها رئيس الدولة عبد القادر بن صالح. وخرج آلاف الجزائريين للجمعة الثامنة على التوالى للتظاهر ضد بقايا النظام وعلى رئيس الدولة المنصب عبد القادر بن صالح، وبقية الباءات الأخرى التي يطالبون برحيلها مثل بدوى وبلعيز وبوشارب. ويبدو أن المسيرات انطلقت قبل موعدها المعتاد، وهو بعد صلاة الجمعة، عكس الجمعات السابقة، حيث توافد الآلاف منذ الصباح إلى الساحات العمومية في مشاهد تؤكد حرص الشعب الجزائري على تحقيق كل مطالبه غير المنقوصة، وذلك رغم الحواجز الأمنية المفروضة على مداخل الجزائر العاصمة لمنع المتظاهرين من الدخول وأيضا بعد التضييق الأمني الكبير الذي شهدته الجزائر العاصمة وقمع الشرطة للمسيرات بداية من مسيرة الطلبة.
شعارات مكثفة تقصف العصابة وسط الحراك حرص الجزائريون منذ 22 فيفري على التجديد في الشعارات وإعطائها صبغة حسب المستجدات الراهنة. وتنوعت الشعارات بين هزلية وجادة وأخرى تاريخية. وردد المتظاهرون شعارات قوية منها "يا عميروش يا الحواس دزاير راهي لاباس" و«يا علي يا لابوانت والجزائر راهي ولات" و«يا بن صالح يا المروكي لبلاد عندها ولادها"، و«الله الله يا بابا جينا نحو العصابة"، وغيرها من الشعارات الأخرى على غرار الشعار المتداول منذ بداية الحراك "يتنحاوڤاع" و«الجيش الشعب خاوة خاوة" و«البلاد بلادنا ونديرو رينا". في حين اكتفى المتظاهرون في التعبير عن غضبهم الشديد من المسؤولين وقادة الأحزاب الحاكمة، بتحضير لافتات وضعت عليها صور المسؤولين، وكتبت عليها عبارات تدعوهم للتنحي والرحيل نهائيا، بعيدا عن العنف والتكسير ومظاهر الشغب.
القيم الإنسانية حاضرة ولا أحد يجوع في الجزائر أبدى المتظاهرون منذ انطلاق المسيرة الشعبية للجمعة الثامنة على التوالي، للمطالبة برحيل جميع رموز النظام الحالي، الكثير من السلوكيات الحضارية التي عكست أخلاقا عالية، في مختلف ربوع الوطن. قام بعض المتطوعين في لفتة إنسانية قبيل انطلاقة المسيرات بتقديم الطعام والحلويات والمياه وسط العاصمة على المتظاهرين، وقامت العائلات بإعداد طبق الكسكسي وتوزيعه على المتظاهرين. منهم من بات في العاصمة ومنهم من يسكن بعيدا. وفي سبيل الإحسان تكرمت هذه العائلات لإخراج القصعة المملوءة بالطعام والشخشوخة وحتى الزلابية والمشروبات للمتظاهرين حتى لا يقول إن هناك جائعا وسط المتظاهرين.
الحراك الشعبي يترحم على شهداء الطائرة العسكرية ترحم المواطنون ووقفوا اليوم دقيقة صمت على ضحايا الطائرة العسكرية في بوفاريك بعد مرور سنة على سقوطها التى أودت بحياة 257 شهيدا من شهداء الواجب الوطني وخيرة أبناء الوطن فأبكت الجزائريين الذين قرروا تذكرهم والدعاء لهم.