منذ تنحي الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، تحت ضغط الشعب، أصدر القضاء الجزائري عشرات القرارات بحبس مسؤولين نافذين اشتغلوا طيلة فترة حكمه وقبلها أيضا، بتهم نهب المال العام، قدرها رجال اقتصاد بما يفوق 200 مليار دولار، لكن وبعد أن بلغت هذه العملية مراحل متقدمة، تعالت أصوات تطالب بضرورة استعادة هذه الأموال، وجاء رد وزير العدل الجديد، بلقاسم زغماتي، مفصلا، خلال تنصيبه النائب العام لمجلس قضاء الجزائر. تشير أول تصريحات لوزير العدل، بلقاسم زغماتي، إلى أن القضاء الجزائري قد توصل إلى الوجهة التي يكتنز فيها معظم المسؤولين النافذين الذين يتواجدون رهن الحبس، تلك الأموال المنهوبة، وأن ما تبقى مجرد إجراءات قضائية ضرورية لاستعادتها، وذلك ردا على مطالب شعبية بضرورة إرجاعها. زغماتي الذي مرر رسالة واضحة، أن محاربة الفساد عملية لن تكون ذات قيمة دون استعادة الأموال المنهوبة من خزينة الشعب، وغمز في تصريحه على تجارب دول، زجت بالعشرات في السجون دون أن يستفيد الشعب من أي نتيجة. وصرح وزير العدل، أن العدالة ستلاحق المذنبين في ذممهم المالية، عن طريق تعميق التحقيقات الأولية من أجل تحديد أماكن تواجد الأموال المنهوبة ومن ثم إحصائها وذلك قصد حجزها أو تجميدها ريثما تعرض على الجهات القضائية للفصل فيها في إطار القانون. وطمأن زغماتي، الشعب، أن الجزائر تتوفر على الآليات القانونية اللازمة التي من شأنها استرجاع الأموال المنهوبة من الخارج. ويذهب غالبية الخبراء في القانون، إلى أن استعادة الأموال المسروقة أمر ليس بتلك الصعوبة، على الأقل جزء منها، ويستند المحامي عمار خبابة، في تصريح ل "البلاد.نت"، على قانون محاربة الفساد الحالي، الذي يسمح بمتابعة حركة الأموال أينما كانت واسترجاعها حتى لو كانت مسجلة باسم الزوجة أو الأبناء، والتي مصدرها الاستفادات غير القانونية، مشيرا إلى أن هناك العديد من الدول مرت بنفس تجربة الجزائر وتمكنت من استعادة أموالها، على غرار دول من أوروبا الشرقية وأمريكا اللاتينية.
دول تعلن عن تعاونها مع الجزائر لاستعادة أموال الشعب المسروقة ترتبط الجزائر باتفاقيات دولية مع عدة بلدان في مجال محاربة الفساد، لكن الوجهة الأكثر بروزا لاكتناز الأموال المسروقة من قبل المسؤولين الجزائريين، تبقى البنوك السويسرية، هذه الدولة التي أعلنت مبكرا عن نيتها في التعاون مع الجزائر في هذه المسألة. حيث أكد النائب والمستشار الفيدرالي السويسري إجنازيو كاسيس، في تصريحات نقلتها وسائل الإعلام، أن سويسرا مستعدة للتعاون مع السلطات الجزائرية، قصد استعادة الأموال المنهوبة من طرف مسؤولين سابقين، والمهربة نحو البنوك السويسرية، مضيفاً أنه بالاتفاق مع الحكومة الجزائرية "قمنا بدعم بعض الأنشطة هناك، المتعلقة بمكافحة الأموال ذات الأصل غير المشروع". وقال إن سويسرا طورت نظاماً يقوم على ركيزتين أساسيتين، هما الوقاية والقمع، وهو الأمر الذي يندرج ضمن استراتيجية التعاون مع دول شمال أفريقيا.