البلاد - آمال ياحي - كشفت وزارة الصحة والسكان عن أرقام "مرعبة" فيما يتعلق بتطور أمراض السرطان في الجزائر خلال السنوات الأخيرة. فيما يتوقع الخبراء استحالة تكفل الدولة بهذا العدد المتزايد في آفاق 2030. وأكد وزير الصحة والسكان وإصلاح المستشفيات، محمد ميراوي، أن "التحدي الرئيسي" بالنسبة للسلطات العمومية يتمثل في ضرورة توفر المعطيات الحقيقية التي تسمح بمكافحة داء السرطان وذلك نظرا لأهميتها الكبرى في اتخاذ القرارات الصائبة في إطار المخطط الوطني لهذا الداء". واعتبر ميراوي في افتتاح الاجتماع السنوي للشبكة الوطنية لسجلات داء السرطان، أن استغلال معطيات السجلات لسنة 2017 الواردة في الشبكة الوطنية تؤكد الاتجاه التصاعدي لداء السرطان في الجزائر وفي العالم وذلك نظرا لشيخوخة السكان ونمط الحياة الضار بالصحة وكذا عوامل الخطر البيئي. وبخصوص وسائل التشخيص المتطورة التي تم اقتناؤها خلال السنوات الأخيرة، أكد المسؤول الأول عن القطاع أن ذلك "سمح بإحراز تقدم كبير في هذا الإطار، ما سيجعل انخفاض عدد الوفيات ممكنا، لكن السلاح الأقوى لمكافحة الداء والحد من انتشاره يبقى متمثلا في الوقاية من العوامل المؤدية الى الإصابة بهذا الداء على غرار التغذية غير الصحية والتدخين والإدمان على الكحول والمخدرات". في المقابل، شدد الوزير على ضرورة "مراعاة الشروط الأساسية لعمل الشبكة واستمرارها مع التزام الجميع بتنفيذ المخطط الوطني لمكافحة السرطان الذي يوشك على نهايته والشروع في إعداد المخطط المقبل (2020/ 2024) بغية تحديد الأولويات وفقا لنماذج علمية دقيقة". من جانبهم، أبدى المشاركون في الملتقى مخاوفهم من عدم تمكن السلطات مواصلة التكفل بحالات المصابين بالسرطان بعد سنوات من الآن، بناء على المؤشرات الأولية المستخلصة من المخطط الخماسي الأول لمكافحة السرطان 2015 2019 والذي سيجري تقييمه مطلع السنة القادمة بغرض تدارك النقائص خلال أعداد المخطط المقبل. وتؤكد الأرقام التي تناولها التقرير السنوي حول وضعية أمراض السرطان بالجزائر تسجيل 43 الف و920 حالة سرطان جديدة بمعدل 112 حالة لكل 100 الف نسمة. كما اشار التقرير إلى أن الشبكات الجهوية لرصد حالات السرطان عبر الوطن تمكنت بفضل تغطية سكانية قاربت 89 بالمائة من إعطاء معطيات دقيقة عن تطور المرض في العديد من الولايات، باستثناء البعض منها على غرار عين الدفلى وعين تيموشنت وبشار التي يطلق عليها اسم الولايات "الصامتة" لتعذر تغطيتها بسبب صعوبات متعددة. وأوضح معد التقرير البروفيسور فواتيح زوبير أن شبكات سجلات السرطان الثلاث تغطي ما يقارب 39 مليون و157 ألف نسمة وتأتي منطقة الشرق في المرتبة الاولى من حيث حالات الاصابات الجديدة بالسرطان ب 19033 ألف حالة، تليها منطقة الوسط ب 17141 الف حالة. فيما تبين الاحصائيات أن الاناث هم الاكثر عرضة للسرطان في الجزائر، إذ بلغ عدد الحالات 25037 حالة مقابل 18883 اصابة بالسرطان عند الذكور. ومن خلال دراسة مقارنة لمخطط يوضح تزايد حالات الاصابة بأمراض السرطان من إنجاز موقع "قلوبوكان" الدولي، فإن نسبة الوفيات من جراء الاصابة بهذا المرض مرتفعة جدا تبقى مرتفعة جدا، غير أن المنحى يبين توجه الدول المتقدمة نحو تسجيل انخفاض في الوفيات قياسا بالدول السائرة في طريق النمو التي ستشهد ارتفاع متزايد خلال السنوات المقبلة وهو ما ينبئ حسب الخبراء بصعوبة التكفل بجميع الحالات مستقبلا، أي في آفاق 2030. من جانبه، أفاد مدير الوقاية بوزارة الصحة، جمال فورار في تصريح ل«البلاد"، أن الدولة أعطت كل ما لديها في مجال مكافحة السرطان ولا سيما فيما يتعلق بالعلاج الكميائي وأصبحت تراهن اليوم على الجانب الوقائي من المرض الذي يستدعي هو الآخر ميزانية ضخمة، موضحا أن المشكل مطروح على مستوى العلاج بالأشعة، رغم اقتناء ما يقارب 35 مسرعا منذ العام 2015 لتخفيف الضغط عن مراكز العاصمة والبليدة. والح المسؤول على أن العادات الغذائية السيئة وراء معظم حالات السرطان، إلى جانب التدخين وقد حان الأوان حسب المتحدث من أجل العودة إلى التغذية الصحية باعتبارها أحد العوامل التي ستساهم في تقليص حالات الاصابة بالمرض. وتابع بالقول إن السرطان أصبح مصنفا ضمن الأمراض المزمنة بالجزائر وليس القاتلة، ما يعني أن المريض يمكن أن يتعايش مع المرض لمدة طويلة إذا تم اكتشافه في وقت مبكر.