البلاد - بهاء الدين.م - قرّر الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، تعيين سفير فرنسي جديد في الجزائر، وإحالة السفير، إكزافييدريانكور، على التقاعد. ويعتبر الإجراء أول تغيير ميداني يتخذه ماكرون على الصعيد الدبلوماسي، بعد المحادثات مع الرئيس عبد المجيد تبون، والتي تناولت واقع وآفاق العلاقات الثنائية. وبالموازاة، من المنتظر أن تنعقد لجنة وزارية مشتركة بين رئيسي وزراء البلدين في جويلية المقبل، لبحث قضايا الاقتصاد والثقافة والشباب وقضايا دولية، على غرار الملف الليبي. وتتجه العلاقات بين البلدين حسب مراقبين إلى مرحلة جديدة بعد توتر شديد في ضوء اتفاق الرئيسين على إعطاء ديناميكية لها "على أسس دائمة تضمن المصلحة المشتركة المتبادلة، والاحترام الكامل لخصوصية وسيادة كلا البلدين". ونقلت مصادر إعلامية فرنسية، أن السفير الفرنسي، إكزافييدريانكور، سيغادر الجزائر نهاية شهر جويلية المقبل، حيث تقرر رسميا إحالته على التقاعد بعد حصيلة مثيرة للجدل، وفي فترة حساسة مرت بها الجزائر. وحسب قرار صدر في الجريدة الرسمية الفرنسية، فإن رئيس الدبلوماسية الفرنسية بالجزائر، إكزافييدريانكور، قد طلب إحالته على التقاعد شهر فيفري الماضي، وتلقى موافقة من سلطات بلاده، التي حددت له تاريخ 2 أوت لبداية التقاعد، ما يعني أنه سيغادر الجزائر نهاية شهر جويلية، ليتم استبداله بسفير جديد. وعين إكزافييدريانكور، سفيرا بالجزائر سنة 2017، وقد سبق له أن تولى هذا المنصب من 2008 إلى 2012، ليعود إلى الجزائر بعدما عين في بلاده مفتشا عاما للشؤون الخارجية بالمديرية المركزية. وكان موقع "أفريكا أنتلجنس"، قد نشر اليوم، معلومات بخصوص مغادرة السفير الفرنسي الجزائر، ووصفه بأنه "بات غير مرغوب فيه في الجزائر". وسبق للسفير الفرنسي، أن طُرد من قبل المواطنين خلال مراسم جنازة رئيس أركان الجيش السابق، الراحل أحمد قايد صالح، قبالة مقر قصر الشعب، وهو يهم بالدخول لإلقاء النظرة الأخيرة على الفقيد. وربط الموقع قرار رحيل السفير الفرنسي، بالمكالمة الهاتفية الأخيرة بين الرئيس عبد المجيد تبون ونظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون، على خلفية توتر بسبب وثائقي بثته قناة فرنسية عمومية مسيء للجزائر، حيث اتفق الرئيسان على طي صفحة الخلافات وتجاوزها وإعطاء العلاقات الثنائية دفعا طموحا على أسس دائمة تضمن المصلحة المشتركة المتبادلة، والاحترام الكامل لخصوصية وسيادة كلا البلدين. يذكر أن الجزائر قد استدعت السفير الفرنسي مرّتين، في عهد الرئيس الحالي، عبد المجيد تبون، آخرها تم تبليغه من قبل وزير الخارجية، صبري بوقادوم، احتجاجًا على تجاوزات وسائل إعلام عمومية فرنسية، لاسيما قناة "فرانس 24". وعاشت العلاقات الجزائرية الفرنسية، منذ رحيل النظام السابق، أزمة غير مسبوقة، بسبب تراجع المصالح الفرنسية بالجزائر. ولعل آخر توتر بين البلدين هو ذلك الذي تسببت به قناة "فرانس5" العمومية الفرنسية، التي بثت وثائقيا "يسيء" للحراك الشعبي، أفضى إلى احتجاج رسمي من الجزائر التي استدعت سفيرها بباريس للتشاور. وقبل يومين أعلنت الرئاسة، أن الرئيس الفرنسي قد اتصل برئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، للتباحث بخصوص مستقبل العلاقات. وكل الإساءات على الصعيد الإعلامي التي تعرضت لها الجزائر على مدار نحو سنة ونصف، كان مصدرها الإعلام العمومي الفرنسي، وهو ما يدفع إلى قناعة بأن من يحرك خيوط اللعبة هم السياسيون الرسميون، وأن الأمر لا يتعلق بمجرد اجتهاد رجال إعلام مدفوعين بمكسب حرية التعبير الذي يتحدث عنه الفرنسيون.القضية هذه المرة بدت أكبر، فالجزائر انتقلت من استدعاء السفير الفرنسي في الجزائر، إلى سحب سفيرها من باريس، وهي الدرجة الثانية في سلم الاحتجاج الدبلوماسي بين دولتين توجد علاقاتهما في حالة تدهور، وكاد أن يتطور الأمر، حسب مراقبين، إلى إعلان السفير الفرنسي بالجزائر، شخصية غير مرغوب فيها، وفق الأعراف الدبلوماسية، لولا جنوح باريس إلى التهدئة.