قرر غلام الله وزير الدين والأوقاف تقديم دروس مجانية في الدين لعمال سوناطراك في حقول الجنوب وهذا بعد التوقيع على اتفاقية ما بين الوزارة والشركة الدولة! وإذا نفذت الاتفاقية وقرر الأئمة والعلماء بكل فرح وسرور وفي أوج الحر المتقد، التنقل إلى الجنوب وليس إلى فرنسا كما جرت العادة التي يتهافت عليها المتسابقون من أصحاب الحظوة، تكون الوزارة قد حققت اختراقا لم يسبق له مثيل في أحد أهم حصون البلاد! الأئمة عرفناهم حاضرين في السجون أو دور التربية كما تسمى، فهم يقدمون دوريا دروسا في التوبة والغفران والرحمة والنهي عن السرقة وكل فنون الإجرام، ومع ذلك فإن معظم المساجين كالمصلين في الجوامع تدخل آذانهم اليمنى كل الدروس وتخرج من آذانهم اليسرى في الحين، إلى درجة أن الذين يعاودون السجن مثنى وثلاث ورباع يتجاوز ربعهم من جملة المساجين وعددهم 50 ألفا يخفف عن بعضهم بالمناسات لشدة الاكتظاظ. لكن هؤلاء الأئمة لا عهد لهم بالتعامل مع نوع خاص من العمال ممن يرتبطون بالخارج والأجنبي ارتباط الغاز والبترول نفسه فيجعلهم يشعرون وكأنهم يتعاملون مع مغتربين (جاؤوا من الشمال)! وعندما تستهدف سوناطراك بعينها من قبل وزارة الدين دون غيرها من الشركات (اللائكية) ولا نقول المارقة، فإن ذلك يحقق أمرين على الأقل: الأمر الأول: أن "التنوع" البشري تحت غطاء الدين في شركة علم وعمل كسوناطراك ليس هينا بعد أن اقتصر الدخول إليها منذ أعوام الاستقلال على النابغين من جهة واحدة تقريبا أي ولاية العلم والباك المعروفة، فحتى أهل الغرب حسب المنطق الجهوي فشلوا في طرق أبواب الشركة في عصر شكيب خليل طيب الذكر بعد أن أقر قانونا عنوانه من حفر حفرة بترول فهي ملك له! فلا بأس إذن أن يدخل أئمة من كل الجهات لتذكير هؤلاء بأن الجهوية المليحة مقبولة لكن القبيحة لا! الأمر الثاني أن سوناطراك تعد رأس الفساد، وهي المشجعة له بعد أن سرى في كل القطاعات مجرى الدم في الجسم. ودخول الأئمة للترويح عن بعض هؤلاء بالطبع إن حضر المسؤولون وتخويفهم من أن السارق يفترض أن تقطع يده من شأنه أن يردع هؤلاء ولو كالمساجين في لحظة وعي، وهو خير من لا شيء!!