بعد 26 سنة من أحداث ما يسمى بالربيع الأمازيغي وثماني سنوات على الربيع ''الأسود'' بولايتي بجاية وتيزي وزو، لم تتمكن تنسيقية حركة العروش، أمس، من تعبئة الشارع المحلي بالولايتين قصد الاحتفال بهذه الذكرى. وكما هو معلوم فقد اعتادت فعاليات المجتمع المدني بالمنطقة على إحياء ذكرى الربيع الأمازيغي بقيامها بعدة نشاطات ومهرجانات تصب في مجملها في مسعى التذكير بتاريخ تلك الأحداث وسرد وقائع ما جرى سنتي 1980 و2001. أما في السنوات الأخيرة، فقد تمكنت تنسيقية العروش بعد أحداث صيف 2001 من أخذ زمام المبادرة، حيث أصبحت هي المشرف الرئيسي على الاحتفال بهذه الذكرى، إلا أن واقع الحال هذه السنة أن حركة العروش فقدت إلى حد بعيد قدرتها على استمالة الشارع بالولايتين، بدليل لجوء تنسيقية العروش إلى إلغاء أول أمس برنامج احتفالها بالذكرى المزدوجة لأحداث الربيع ''الأسود'' وكان من المدعوين لتنشيط محاضرات في هذا الخصوص كل من البروفيسور محند اسعد رئيس لجنة التحقيق في أحداث الربيع الأسود، بالإضافة إلى الدكتور كمال داودي مسؤول بجناح الاستعجالات بمستشفى نذير محمد خلال سنة2001. في هذا الإطار كان من المنتظر تنظيم مائدة مستديرة تضم بالإضافة إلى هذين الشخصيتين، أولياء الضحايا وجرحى تلك الأحداث قصد مناقشة الملف الشائك من وجهة نظر قانونية، لتباحث إمكانية محاكمة المتورطين في تلك الأحداث التي راح ضحيتها 126 شخصا. لكن بعد امتناع محمد اسعد والدكتور داودي عن المشاركة في هذه المائدة المستديرة ألغيت الندوة، ليلقي بعدها بلعيد عبريكا الناطق الرسمي لحركة العروش كلمة امام الحضور هدد خلالها بالعودة إلى الشارع في حال بقاء الأمور على حالها دون محاكمة المتورطين في أحداث الربيع الأسود، يقول عبريكا. والملاحظ هذه السنة أو على الأقل منذ الثلاث سنوات الماضية أن هناك فتورا واضحا يطبع هذه الاحتفالات التي اقتصرت على بعض النشاطات الفكرية والثقافية. في حين كان الاحتفال بذكرى الربيع الأمازيغي ومؤخرا الربيع الأسود، فرصة سانحة لأقطاب المنطقة خاصة حركة العروش لحشد عدد أكبر من أنصارها والقيام بتعبئة كبيرة للشارع القبائلي. كما كانت تنظم مسيرات حاشدة وصاخبة في عدة مناطق خاصة بولايتي بجاية وتيزي وزو، إلا أن هذه السنة لم تشهد المنطقة ذلك الزخم وتلك الحركية المعهودة عنها في إشارة واضحة إلى أنه أصبح للشارع الأمازيغي أولوياته الخاصة والمواطن البسيط في بجاية وتيزي وزو هو الآخر كباقي الجزائريين غارق في مشكل غلاء المعيشة وارتفاع الأسعار وغيرها من الانشغالات.