فازت النهضة بأربعين بالمائة من مقاعد المجلس التأسيسي دون دماء ولا مجازر ولا مشانق، هذا الحزب الإسلامي الذي كان يُظْهِره نظام زين العابدين بن علي كفزاعة يخيف بها العالم برمته، هذا الحزب هو الذي سيشكل حكومة وحدة وطنية، وهو الذي سيكون الحزب الحاكم في تونس ما بعد بن علي، وسيكون السابع من نوفمبر القادم، تاريخا جديدا لتونس التي يحكمها التيار الإسلامي دون أن تحترق، ودون أن تُلْغى انتخاباتها، أو يُنصّب مناضلوها محاكم التفتيش، أوتزهق فيها أرواح الأبرياء·· التوانسة تركوا الشعب يقول كلمته، التوانسة منحوا ثقتهم لحركة النهضة، التوانسة حققوا نموذجا سيكون مرجعية انتخابية في تعامل الأنظمة والسلط مع الحركات الإسلامية المعتدلة إن هم حافظوا على هذا المكسب، ودافعوا عنه بالخيارات القانونية والسلمية في وجه أي استدراج من الداخل أو الخارج· ستكون الانتخابات التونسية ومعها الاستحقاقات القادمة في مصر، خطوة عملاقة نحو تكريس وضع جديد، غالبا ما ظلت الأنظمة المتهالكة والمستبدة تتفاداه، بل وتمنع قيامه خوفا على مصالحها الفئوية والطائفية، بل إن النظام العربي الذي أثبت فشله ظل يستعمل الحركات الإسلامية بما في ذلك المعتدلة، كفزاعة يهدد بها الغرب ويحذره من مغبة فتح أبواب الوصول إلى السلطة أمامها· بالنهاية·· يا جماعة··· تونس لم تحترق، ولم تتهاو، بل إن الذي احترق وتهاوى، هو النظام العربي البائس الذي أفلس بعدما تجنى وعربد·