باتت المسابقات العربيّة التي يحرص على تنظيمها الاتحاد العربي لكرة القدم واتحاد شمال إفريقيا تعاني من عدم انتظامها سنويّاً، رغم أنها بطولات عريقة، يعود بعضها لأكثر من أربعين سنة· فباستثناء البطولات الخليجية التي يلتزم أصحابها بتواريخ تنظيمها إلى حد كبير بل إنها تحولت إلى مونديال مصغر في السنوات الأخيرة، وتشهد منافسة شديدة من أجل زعامة الكرة الخليجية، فإن بقية البطولات تعاني من عدم الاستقرار· وتعكس الحالة السياسية التي تعيشها البلاد العربية، واقع وتواريخ إقامتها غير المضبوطة، عكس البطولات في جميع أنحاء العالم والتي تقام في مواعيد محددة سلفا وغير قابلة حتى للتعديل، بغض النظر عن الدواعي، وهي شبيهة إلى حد كبير بقمم جامعة الدول العربية، فهي معرضة للإلغاء بحجة أن الظروف الراهنة لا تسمح بإقامتها، وإذا ما نجت من الإلغاء فإن تأجيلها يصبح حتمية لا مفر منها إما بسبب الظروف نفسها أو لأن النصاب القانوني لم يكتمل، بسبب غياب بعض الأندية التي يعتبر حضورها ضروريا، وغيابها مؤثرا على البطولة، وبالتالي فلا حياء من تلبية طلب هذا النادي أوذاك خدمة للصالح العربي كما يعلن عنه عادة للتستر وراء الإخفاق· عدم الاستقرار وقانون النزوات شعار المنافسات العربية وعن النظام المعمول به في البطولات العربية، فإن قاعدته الرئيسية هو التخبط الواضح، فمرة تقام بنظام المجموعات بلقاءات ذهاب وإياب، ومرة تجرى في شكل بطولة مصغرة، وفي أخرى تلعب بصيغة خروج المغلوب، فالنظام على الورق موجود غير أن تطبيقه على الميدان أثناء البطولة يخضع لأهواء ورغبات الأندية أو المنتخبات العربية المشاركة ومدى إجماعها على هذا النظام، ولأن الإجماع العربي في القضايا التي تهمهم جميعا من النوادر، فإن تعديله أو حتى تغييره جذريا يصبح أمرا حتميا لتفادي التضحية بالبطولة نفسها، لأنه عادة ما يطلب هذا النادي أوذاك المنتخب معارضته للنظام المعمول ويعدد سلبياته ويغض بصره عن إيجابيته ليقنع الجميع بوجود دوافع لتعديله خاصة الأندية التي توصف بالمؤثرة والتي تمتلك قاعدة جماهيرية واسعة محليا وعربيا تحتاجها البطولة للنجاح ومرشحة للتتويج بمثل هذه البطولات· الانسحاب أنشودة اعتاد عليها الجمهور العربي· أما الانسحاب فتلك حكاية أخرى اعتاد عليها الجمهور العربي مع بداية كل مسابقة لأسباب أو أخرى تبعثر أوراق الجهات المنظمة التي تضطر إلى إعادة حساباتها في جميع الأمور التنظيمية، فالأندية والمنتخبات العربية على حد السواء لا يمكن تأكيد مشاركتها إلا في آخر لحظة وقبيل انطلاقة أي بطولة، وإذا كانت بعض الفرق تفضل الانسحاب فإن أخرى تحاول تقنين هذا الانسحاب من خلال مشاركتها بالفريق الرديف أوفريق الآمال حفاظا على ماء وجهها، وبدلا من مشاركة البطل يحل محله الوصيف أوحتى صاحب المركز الثالث وهوما يؤثر سلبا على المستوى الفني للبطولة، وتفضل أندية ومنتخبات أخرى المشاركة في أي عرس عربي ليس من أجل المساهمة في إنجاحه بل لإفساده من خلال انسحابها أثناء البطولة احتجاجا على أخطاء تحكيمية تافهة يمكن أن تحدث في أي منافسة· الواقع السياسي جهاز التحكم في المنافسات الرياضية ويتحمل مسؤولية فشل تنظيم البطولات العربية بشكل دوري جهات عدة، بداية بالواقع السياسي العربي الذي يؤثر سلبا على الرياضة العربية بشكل عام بما فيها كرة القدم فهو يستفيد من الرياضة دون أن ينفعها، والحساسيات السياسية لا تزال تطبع مختلف التظاهرات الرياضية العربية آخرها في الدورة ال 12 للألعاب العربية الجارية في الدوحة، حيث هدد المغرب بالانسحاب بسبب خريطته الجغرافية التي اعتبرها غير كاملة، ولم تشارك سوريا في هذه الألعاب لأسباب سياسية أيضا بعدما علقت عضويتها في الجامعة العربية· سياسة الكيل بمكيالين ·· أمر آخر وتتحمل الأندية والمنتخبات والاتحادات جزءا هاما من المسؤولية فهي غير ملتزمة بالقدر الكافي ولا تولي اهتماما كبيرا للبطولات العربية رغم الإغراءات المالية السخية وتفضل عليها البطولات القارية الإفريقية والأسيوية، رغم أنها لا تدر عليها الأرباح نفسها، ولا تحترمها فلا تضعها في أجندة المسابقات الخارجية التي تأهلت إليها وكأنها لا تعنيها، وتحاول إملاء شروطها على المنظمين للمشاركة، وهو ما رأيناه مثلا في دوري أبطال العرب، حيث اعتذرت الأندية القطرية عن المشاركة في هذه البطولة، وفضلت البطولتين الأسيويتين، رغم أن نتائجها القارية في تلك الفترة لم تكن إيجابية· كما اعتذر الأهلي المصري لخلاف بسيط مع الاتحاد العربي كان يمكن تجاوزه ببساطة أيضا· كما تتعامل الفرق العربية بسياسة الكيل بمكيالين فتجدها تشارك في دورات وتغيب في أخرى وخير مثال على ذلك غياب منتخبات الجزائر والمغرب وتونس وحتى مصر عن ألعاب الدوحة العربية الحالية ولو بمنتخب الرديف أو الاولمبي رغم أن بعضها شارك في بطولة أمم إفريقيا الخاصة باللاعبين المحليين التي أقيمت في السودان مطلع العام الجاري في تاريخ لا يدخل في أجندة الفيفا· ويتعامل مدربو ولاعبو عدة فرق عربية بتعال وتكبر على هذه البطولات وعلى منظميها وحكامها مما جعل مبارياتها تسودها حالات عنف وشغب قلما نراه في الملاعب، كما أن الفرق العربية لا تعمد إلى الفصل بين القضايا السياسية والرياضية بل إن قراراتها بالمشاركة أو الامتناع تخضع لمؤثرات عديدة مثلما حدث عندما امتنعت الأندية المصرية عن المشاركة في بطولات شمال إفريقيا على خلفية ما جرى بين مصر والجزائر في مباراة أم درمان في تصفيات كأس العالم .2010 الاتحاد العربي واتحاد شمال إفريقيا الشجرة التي تحجب الغابة أما الاتحاد العربي واتحاد شمال إفريقيا المشرفان على تنظيم البطولات فظهرا واضحا أنهما عاجزان عن إيجاد آليات ناجحة لتفعيل مسابقاتهما خاصة في ما يتعلق بتواريخ لعبها، حيث أظهرت التجارب السابقة أن طول مدة أي بطولة أو تصفيات لا يخدمها فهي تزيد من متاعب النادي المادية وترهق اللاعب· بعد دورة كانت ناجحة بالدوحة قطر تمنح علم الألعاب العربية المقبلة للبنان
بالرغم من إسدال الستار على دورة الألعاب العربية التي احتضنت فعالياتها العاصمة القطرية الدوحة، يجدر التوقف عندها خاصة أن هذه الدورة كانت استثنائية، والتي تميزت بنكهة اأولمبيةب وبمستوى مرتفع في بعض الرياضات، كما شهدت 14 حالة منشطات معظمها في كمال الأجسام في مشاركتها الأولى وقد تكون الأخيرة بعد الضجة الكبيرة التي أثارتها· ونالت قطر شهادة تقدير على حسن تنظيمها للدورة من جميع الوفود المشاركة فيها، ومن مسؤولي الاتحادات الرياضية الدولية وأعضاء اللجنة الأولمبية الدولية الذين حضروا تباعاً لمتابعة منافساتها، حتى ذهب البعض إلى تحميل لبنان عبئاً كبيراً في احتضان النسخة المقبلة عام .2015 وتعد المرة الأولى التي تقام فيها دورة الألعاب العربية في المنطقة الخليجية، إذ بقيت حكراً على مصر ولبنان وسوريا والأردن والمغرب والجزائر، ولم يتردد بعض المسؤولين الرياضيين والدوليين في القول إن قطر نظمت دورة الألعاب العربية على مستوى الدورات الأولمبية· وكانت المشاركة في الدورة كثيفة وقياسية لنحو 5500 رياضي ورياضية من 21 دولة، وكانت سوريا الدولة الوحيدة الغائبة بعد إعلان لجنتها الأولمبية عدم المشاركة ااحتجاجاً على تعليق عضوية سوريا في الجامعة العربية· وتميز المستوى الفني لبعض المنافسات كان مرتفعاً بوجود عدد لا بأس به من الرياضيين العرب الذين سبق لهم المشاركة في دورتي الألعاب الأولمبية في أثينا 2004 وبكين .2008 وامتازت هذه الدورة أيضاً بالجوائز المالية التي خصصتها اللجنة المنظمة للفائزين بالمراكز الأولى في الألعاب الفردية والجماعية واللجان الأولمبية التي ينتمون إليها، فضلاً عن تخصيص جائزة لأفضل رياضي في الدورة قدرها 70 ألف دولار ذهبت إلى السباح التونسي الأولمبي أسامة الملولي· وسجل في الدوحة رقم قياسي في عدد الميداليات لرياضي واحد، قد يصعب تكراره في المدى المنظور، إذ احتكر الملولي 15 ميدالية ذهبية من أصل 17 سباقاً شارك فيها، حيث أخفق في اثنين، الأول بسبب خطأ فني في 100 م صدراً، والثاني في التتابع 4 مرات 100 م متنوعة مع منتخب بلاده الذي حل ثانياً خلف مصر· أزمة المنشطات النقطة السوداء في الدورة تفجرت في الدورة الثانية عشرة قضية المنشطات على نطاق واسع بتأكيد اللجنة الطبية فيها وجود 14 حالة خالف أصحابها قوانين المنشطات، إن كان بالتخلف عن الفحص المطلوب أو بوجود مواد محظورة في عيناتهم· معظم حالات المنشطات ظهرت في منافسات كمال الأجسام، التي أدرجت للمرة الأولى في تاريخ الدورات العربية، ونالت القسط الأكبر من الضجة الإعلامية· وتسلمت لبنان علم الدورة أمس الأول مثقلاً بمسؤوليات كبيرة وتحديات جمة لأن المقارنة المباشرة تبقى في معظم الأحيان مع النسخة الأخيرة، وأسندت الجمعية العمومية لاتحاد اللجان الوطنية العربية، شرف استضافة الدورة الثالثة عشرة عام 2015 إلى لبنان، لتكون المرة الثالثة التي سيحتضن فيها هذه الألعاب بعد عامي 1957 و.1997