في جعبتهن قصص حب لرجل قدمن له حياتهن قربانا.. وظللن رهائن لمزاجه العكر.. لسنوات.. واستيقظن على رسالة هاتفية مفادها «إن مراسلك لا يرد عليك» لم يصبحن في منتصف العمر.. كن على مشارف أسطورة اسمها ضياع الأمومة...ترتدين بغباء عباءة الانتظار.. وطال الانتظار.. لم يأت فارس الأحلام. وبدأ الحضن يبحث عن دفء من نوع آخر.. .دفء الأمومة المتأخرة «أريد طفلا...مستعدة لأن أقايضه برجال العالم أجمع». هو لسان حال العديد من النساء اللواتي ضيعن سنوات من عمرهن في انتظار طموح، قد يصل متأخرا أو قد لا يصل.. وقد يترتب على تأجيل محطات عديدة كان يجب لقطار الحياة أن يقف فيها ؛الزواج والأمومة».. نساء أخريات جرهن وهم الحب إلى العقد الثالث وبقين في طابور الانتظار طويلا...أطول من نفسهن...ليقرر فارس الأحلام أخيرا أن يعفيهن من قائمة النساء اللواتي يعرض عليهن حذاء سندريلا.. .فرحن يركضن بحثا عن بديل لا لبداية قصة حب جديدة وإنما لاستدراك ما مر من العمر والخروج بطفل.. مهما كان والده. إن الرقم موقف مؤقتا هذا ماخرجت به بعد علاقة 08 سنوات أحببته.. ملأ نفسي بوعود الحب حتى زهدت في كل شيء عداه.. كنت أرى الدنيا من خلاله، فما همي بالعالم وهو عالمي؟ كنت كل يوم أقلب صفحات مذكراتي معه، وعدني نهاية كل مذكرة أن تكون آخر صفحة تبرق خبر زواجي.. ومضيت أكتب حماقاتي على كل أجندة... ومرت السنوات وتراكمت الأجندات وبقيت الورقة الأخيرة. ثماني أجندات سجلت فيها غبائي.. لم أكن أدرك أني مع ذئب بشري.. أو لعلي كنت أدرك.. لكني قررت أن أنسى أني يوم لاقيته قلمت أظافره مستعينة بقصة ليلى والذئب. أذكر أنه طلب مني أن أساعده في شراء عش الزوجية نفذت طلبه بكل فرح.. أعطيته ما كنت قد خبأته للزمن.. لعنوسة منتظرة لا أجد فيها من أنيس سوى سرة أموالي وتجاعيدي.. أخرجت المبلغ.. .ذهبت راكضة لاهثة ووضعته بين يديه.. وخط هو على صفحات مذكراتي. إنني رائعة.. كنت أقرأها كل يوم وأسعد أيما سعادة بهذا الاعتراف.. لكني اليوم اقرأها وقد ارتسم أمامها صورة حمار مغفل.. هو أنا مع سبق الإصرار والترصد.. وبدأنا في تجهيز عش الزوجية.. وجهز العش في انتظار أن تزف العصافير.. هاتفني ليلتها أن اذهبي إلى منزلنا.. نظفيه جيدا، لقد تركت لك المفتاح بداخل إصيص الورد المحاذي لباب المدخل.. وذهبت..كم كنت سعيدة وأنا اتفق مع زوجي المستقبلي على أول كلمة سر.. أين نخبئ مفتاح المنزل.. نظفته كما لم أنظف قلبي من قذارته رغم مرور السنين... وذهبت لأتم استعداداتي للزواج على صفحات أجندتي.. .استيقظت صباحا.. قبل أن أفتح تلك المذكرة. لألاخط فيها سطرا آخر في حياة امرأة عاشت سعادتها كمن دخن سيجارة كيف.. رن الهاتف ظننته هو...رحت أغمض عيناي.. ازدادت دقات قلبي.. رحت أرخم طبقة صوتي.. وأفكر..هل أظهر له سعادتي وهو يطلعني على الخبر السعيد؟ أم أظهر أني تفاجأت فلم أكن أتوقع أن يفاتحني في موضوع الزواج.. واتفقت أنا ونفسي على أن نتصرف بطريقة طبيعية.. إنه نتاج 8 أجندات وثماني سنوات.. فأين المفاجاة في ذلك؟؟ لم يكن صوته...كان صوت صديقتي وهي تقول: «ماسمعتيش رفيق اليوم عرسه» ظننتها مزحة أفريل..فهاتفته..فلم أجد إلا صوت الكاسيت وهي تردد: إن خط مراسلكم موقف مؤقتا.. ومعها توقفت عجلة حياتي نهائيا..أصبحت امرأة بلا روح..طاردتني التجاعيد وكأنها سعدت لأنها عثرت على امرأة عانس أخيرا...كبرت أضعاف عدد أجنداتي الثماني التي دونت فيها لحظات غبائي.. اليوم.. لا أبحث عن رجل أحبه..أريد فقط أن أنجب منه.. ولولا شعور الأمومة الذي لا طاقة لي بردعه لما تمنيت أن يقترب مني رجل. لقد نظفت بيت زوجته.. جعلني خادمة.. .استغل حبي...لا بل استغل غبائي ورغبتي الجامحة في الاستقرار. في الثلاثينات..أريد فيلما من لقطة واحدة زوجان وابن صدقت أسطورة الحب.. رغم أنني كنت على يقين تام أن من خط أسطورة فارس الأحلام وحصانه الأبيض هو رجل حدث وأن دمر امرأة.. أحسن ما حدث لي أني التقيته في سنوات بدأ فيها العد التنازلي.. ووقفت فيه التجاعيد في رواق السباق منتظرة طلقة من مسدس الحياة القاسي لتنطلق صوب وجهي.. صوب قلبي صوب ذاكرتي.. وكياني.. .بدأت قصة الحب... كان ذكيا...حين صنع لنفسه شخصية جمعت كل الصفات التي ذكرتها حين أجبته عن سؤاله: ماذا تحبين في الرجل ولكن أمام أهم اختبار في الحياة بدأ يهرب كالأرنب قال مازلت صغيرا ولماذا طرقت بابي أيها الأحمق وأنا على مشارف الثلاثينات لا أملك الوقت لأعيش سيناريو علاقة عاطفية جديدة أريد فليما من ثلاثة مشاهد التعارف... الزواج والإنجاب. تكتب عليه «النهاية» مثل الأفلام المصرية الكلاسيكية. وفي النهاية تظهر صورتك وصورتي ونحن ننظر بعيدا.. .تقترب الكاميرا.. لتجسد صورة طفلين يلعبان ونحن ننظر إليهما بعين الرعاية.. تركته...عجلت بالنهاية لأنني تذكرت ماذا تعني الأسطورة للنساء..لأنها من صنع الرجال...وقررت أن أتزوج..لم أبحث عن مواصفات.. مزقت ورقة الشروط التي كنت أخطها.. وفي أول فرصة تزوجت.. .أنا مهندسة لكني حين ارتبطت كان نصيبي سائق.. حاولت تطويره.. اشتريت له سيارة راقية.. لكنه كان يذكرني بانه سترني أنا المهندسة العانس.. شهاداتي.. مستواي الثقافي.. ما أضفيته على حياته من سعادة.. لم يشفع لي عنده.. اليوم وقد أنجبت منه طفلين.. قررت أن أنظر إليه وكأنه «عجل في مزرعة» اقتناه الفلاح فقط لتناسل أبقاره لا غير. الوظيفة حرمتني من كلمة ماما أعطتني الوظيفة مالا، جنبتني من مد يدي لجنس رجل.. اعتقدت أن الزواج مادة والذنب ليس ذنبي.. ذنب مجتمع الماديات التي غرقت فيها. ونسيت بل وتناسيت حقي في أن أكون أما.. لو عاد الزمن للوراء لتزوجت في 18 من عمري. أمينة طبيبة في العقد الرابع من عمرها رغم أنها لا تبدو كذلك. فالمساحيق قد ملأت وجهها وكأنها أرادت أن تمحو بها ملامح حزن خشيت أن تكشف عن حقيقة إحساسها بالوحدة. فراحت تحارب بها التجاعيد والترهلات التي بدأت في مطاردة وجهها إيذانا بدخول سن اليأس .قالت وبنبرة حزن دفينة: نسيت في خضم دفاعي عن حقوق المرأة حقي في أن أكون أما. كلمة ماما أغلى عندي من كنوز الدنيا. بينما اعترفت حياة زميلتها أنها أضحت تغار من نظيرتها إذا هي التقت بهن في الشارع وهن قاصدات الحمام. أو ذاهبات للسوق وأولادهن يتجاذبون اطراف أثوابهن.أحس بأن هذه الفوضى وهذا الضجر الناجم عن شغب الأطفال.. هذا الصراخ المنبعث من افواههم.. هو الواقع. هو الوجود . هو سمفونية الحياة. حتى إن القدر إراد معاقبتها بأن تخصصت في طب النساء والتوليد.. كلما دخلت علي امرأة حامل شعرت بأن سماعتي التي تنصت قلب الجنين تخنقني.. تعاقبني.. تذكرني بغبائي يوم قايضت الأمومة بالمهنة.