لن يصدّق المواطنون منظر هؤلاء الذين يتباكون ويتطاحنون من أجل الظفر بترتيب متقدم ضمن قوائم أحزابهم، ولن يصدّق مرة أخرى خطابات الكائنات السياسية التي مارست الكذب الانتخابي عليه قبل خمس سنوات ثم عادت هذه المرة من أجل مغازلة صوته. هنالك نواب في المجلس الشعبي الوطني لم يراهم الناخب لخمس سنوات كاملة، وهذا مظهر منفّر تتحمل الأحزاب السياسية مسؤوليته، وبمناسبة الحديث عن الأحزاب من المؤسف أن تسوّق بضاعة التكتّم عن قوائمها بينما الحقيقة بعكس ذلك تماما لدرجة أن وزيرا استفرد بقائمة الترشيحات في منزله وأعدها رفقة مقربيه، وكأن القضية تتعلق بتعيينات وليس بانتخابات يقول فيها المواطن كلمته، اللهم إلا إذا كانت نتائج التشريعيات القادمة معدّة سلفا، ومن المؤسف حقا أن يتحدّث بعض المترشحين في أحزاب كبرى ومعروفة عن حظوظهم لأنهم ينتمون لأحزاب “الدّولة”. وعندما ترشح أحزابا كبرى مثل هؤلاء الأشخاص الذين لا يفرقون بين الدولة والنظام والسلطة والحزب الحاكم، فلماذا نلوم المواطن على عزوفه عن الانتخاب، والحقيقة أن الظاهرة لا تتعلق بعزوف بل بمقاطعة تتبناها شريحة واسعة من المواطنين. وقد فشلت الأحزاب والحكومة على مدار السنوات الخمس الماضية في تغيير أو تليين مواقفهم، لأن فضائح التسيير والسياسة كانت تصب كلها في ترسيخ تلك القناعة التي تتطلب أحزابا ناضجة وحكومة مسؤولة. وليس هنالك من دلالات لتطاحن الوزراء والمناضلين والبارونات والديناصورات على تصدر القوائم سوى هذه العقلية المستنسخة من زمن الأحادية التي لازالت تصنف المنبطحين والمداحين والمزمرين في خانة “أولاد الدولة”.