تحتفل الجزائر اليوم برائد الحركة الإصلاحية العلامة الراحل عبد الحميد بن باديس، من خلال العديد من النشاطات والملتقيات التي تبرز جهود مؤسس جمعية العلماء المسلمين الجزائريين الإصلاحية في مجالات التربية والمجتمع، وكيف أن هذا المفكر الكبير تحدث عن حقوق المرأة وعلى رأسها حق التعليم في مختلف مراحله شرط أن يكون ذلك في دائرة الدين والأخلاق والأعراف، وأطروحاته القيمة في الفكر الإسلامي المعاصر، وتأثر جيل كامل من العلماء بإنتاجه الفكري والأدبي. وضمن هذا الإطار، يعتقد رئيس جمعية العلماء المسلمين الجزائريين عبد الرزاق ڤسوم أن الإصلاح الفكري أو الفكر الإصلاحي الذي نادى به العلامة الراحل عبد الحميد بن باديس الذي تحتفل الجزائر اليوم بذكرى «يوم العلم» المخلدة له، يعد حتمية إنسانية اجتماعية يجب أن تواكب الإنسان المسلم حيثما كان وأينما حل، وذلك لأن التغيير من متطلبات الواقع الاجتماعي والإنساني. وقال الدكتور في حديث ل«البلاد» إن كل إنسان يتكيف مع عامل الزمان والمكان، موضحا أن ما نادى به الشيخ ابن باديس بوحي من واقع المجتمع آنذاك الذي كانت تكبله القيود الاستعمارية وسلاسل الاحتلال، مضيفا أن هذا الواقع أملى الفكر الإصلاحي، وإن اختلف اليوم الوضع في الجزائر، إلا أن هناك عوامل لا تزال قائمة تتطلب إصلاحا من نوع خاص. وأكد المتحدث «في الماضي كانت هناك معاناة من فقدان الهوية والعقيدة ومقومات الوحدة الوطنية.. أما اليوم، وبعد أن استعادت الجزائر استقلالها، أصبحت هناك تحديات جديدة؛ أولها تحديات ذات طابع محلي وتتمثل في ظاهرة الأمية بمعناها الثقافي أو التوعوي أو الإيديولوجي.. وهذه التحديات تتطلب وجود مصلحين لعقل وقلب ولسان الإنسان». وواصل الدكتور كلامه قائلا «نحتاج اليوم إلى إصلاح عميق ودقيق جدا.. وهناك تحديات خارجية تتمثل في الشلال الإعلامي الذي يواجهه الإنسان بعقله وقلبه، وهناك تحد تكنولوجي كتب الجهل والأمية على من لا يستطيع مواكبته، بالإضافة إلى التحدي الأخلاقي الذي أصبحنا نلاحظه في شلال من الانسلال والانحلال الذي أصاب شبابنا في تقليدهم الأعمى للغرب والتبعية السخيفة له.. ولا نغفل أيضا ظاهرة الإسلاموفوبيا التي تبرز عداء الغرب للمسلمين». من ناحية أخرى، أوضح عبد الرزاق ڤسوم أن كل هذه التحديات تتطلب إصلاحا من نوع خاص، ومنهجية محددة، موضحا «ولعل هذا ما تحاول جمعية العلماء المسلمين الجزائريين القيام به اليوم لأن الإنسان ما لم يعد إلى الذات والهوية الحقيقية فإنه محكوم عليه بالضياع.. وهو إنسان ناقص في هويته وشخصيته».