جدد رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة تأكيده حرص الجزائر وسعيها الدائم لبناء مشروع المجتمع المغاربي الذي يحلم به كل الجزائريين، مذكرا في الوقت ذاته أن تحقيق الحلم المغاربي كان من صلب القضايا التي ناضل من أجلها رائد النهضة الجزائرية الشيخ عبد الحميد بن باديس رحمة الله عليه. وألح بوتفليقة في كلمة ألقاها نيابة عنه مستشاره محمد علي بوغازي بمناسبة الملتقى العاشر لمؤسسة الشيخ عبد الحميد بن باديس على الجزائريين مهما اختلفت مناصبهم أن ''يعملوا على تحقيق الوحدة المغاربية'' كما حلم بها بن باديس وكما أرادها الشهداء، مضيفا بالقول ''إننا سنعمل قدر المستطاع على توفير الظروف المشجعة لهم ليجدوا مكانتهم المستحقة في بلدهم والانضمام إلى طلائع الجزائر في بناء مشروع المجتمع المغاربي الذي نحلم به معا وفي كل الأحوال ستتاح لهم فرص المشاركة إيجابيا في خدمة ورقي المغرب العربي على نحو أو آخر عن قرب أو بعد''، ومبينا أن العلامة بن باديس كان ''مؤمنا بوحدة الهوية واللغة والثقافة والدين والتاريخ والمصير المشترك لشعوب بلدان المغرب العربي''. وقال بوتفليقة إن رائد الحركة الإصلاحية في الجزائر قد ''كرس وقته وحياته للمساهمة في الفضاءات التي تهتم بقضايا المغرب الكبير وبمستقبله مستعملا في ذلك المجال الفكري والثقافي والديني والأدبي والتربوي والنضال السياسي والتحرري بما كان له من وسائل مختلفة بالمواقف الحازمة والصلبة وبالمحاضرات والدروس والكتابات لأنه كان يعتبر أقطار المغرب وطنا واحدا وسكانه شعبا واحدا''، مشيرا في هذا الشأن أن الشيخ بن باديس كان يقول ''حيثما توجهنا إلى ناحية من نواحي التاريخ وجدنا هذا المغرب العربي يرتبط بروابط متينة روحية ومادية تتجلى بها وحدته للعيان ولسنا نريد هنا أن نتحدث عن التاريخ القديم وإنما نريد أن نعرض صفحة من التاريخ الحديث الجاري''، ومذكرا بأن العلامة الراحل كان يعتبر الإصلاح التربوي والديني والاجتماعي والسياسي في هذه الأقطار ''إصلاحا للجميع والتخلف والجمود ضررا على المجتمع''. وأبرز رئيس الجمهورية أن الشعب الجزائري ساهم في إثراء الفكر المغاربي والعربي والإسلامي والإنساني في العصور القديمة والوسطى والحديثة، لذلك فإن ''مواكبة العصر لا تعني أبدا التنكر لماضينا وأعلامنا والانسلاخ عن جذورنا أو التقليل من شأن دورنا في بناء وحدة المغرب العربي''، ملفتا النظر في هذا السياق إلى أن مؤسس جمعية العلماء المسلمين الجزائريين ''كان مدافعا عن الهوية الوطنية والمغاربية من دين ولغة وانتماء حضاري محاربا للآفات الاجتماعية بمعانيها الواسعة لأنه كان يدرك بأن أخطر آفة يمكن أن تصيب المجتمع وتقضي على كيانه هي آفة الجهل والنسيان وخاصة الجهل في القضايا السياسية والانتماء الحضاري''. وأوضح بوتفليقة أن وحدة شعوب المغرب العربي التي نادى بها الشيخ بن باديس ''ليست مجرد آليات ومؤسسات وأحزاب ووسائل إعلام وحرية تعبير وحقوق إنسان ومجتمع مدني في كل بلد مغاربي ..... بل إنها ثقافة مشتركة متنوعة وغنية تتبدى في السلوك اليومي للأفراد والجماعات في بلدان المغرب العربي''، مردفا أن هذا السلوك يظهر ''من خلال احترام الآخر والقبول بالتنوع والاختلاف وإدارة الحوار بالطرق السلمية وبكل حرية ومساواة أمام القانون وتسامح ومشورة وعدل وتكريم للإنسان وتقرير لحقوقه الأساسية والاجتهاد وضمان حرية التعبير والتفكير''. ودعا المنتخب على عهدة رئاسية جديدة الجزائريين إلى ''التحلي بفضيلتي العلم والمعرفة والوطنية'' ''، مضيفا أن الإنجازات المحققة منذ استرجاع الاستقلال الوطني إلى اليوم تجعلنا ''ننظر بكثير من التقدير والاعتزاز إلى حاضر التجربة الجزائرية''، ومبينا ''أننا ندرك أنها تجربة في حاجة إلى إثراء وتعميق وتطوير جديرة بالدعم والصيانة والترقية المتواصلة لبلوغ ما نصبو إليه من تقدم ورقي والتشبث بالأصالة والثوابت والجذور، مدركين ضرورة مواكبة متطلبات العصر والحداثة التي كانت من زحف العولمة وتعميمها''.