آخر ما يمكن أن يفكر فيه الحاكمون بأمرهم في أمرنا، أن يستشفوا ولو على سبيل الصدفة أو عن طريق علم النجوم، تنبوات الغد واتجاهات الريح التي تتلاعب بالنيران فتقذفها ذات الشمال وذات اليمين، وسط مسلسلات حرائق متواصلة، تدق ناقوس خطر قادم يقع خارج اهتمامات الحكومة وخارج خزعبلات الساسة وجماعة البرلمان المنتشية بعادة رفع الأيدي السرية! قبل الأمس، وقبل أن يبلغنا خبر أن مواطن من عامة المحروقين بولاية ما، قد احتجز مسؤولا ما في مكتبه وصب عليه دلو ''بنزين'' في محاولة يائسة لإنارته بحرقه، كنا قد تعودنا على استنشاق رائحة ''المبنزنين'' من عامة المقهورين، وكان الأمر لا حدث كون القانون والدستور وحتى الحكومة يكفلون للمواطن حقه العام في التخلص من البرود السلطوي ببنزنة جسده، فالحرية مكفولة والبنزين متوفر ونحن بلد ديمقراطي بشهادة من ''فحموا'' أجسادهم أمام أبواب الإدارت والبلديات، ليرحلوا مخلفين وراءهم دخانا عن ديمقراطية ''البنزين''! النار التي كان يكتبها المنتحرون فوق أجسادهم غيرت حطبها وموقعها وانتقلت إلى الجهة الأخرى في نقل للرعب إلى الطرف الآخر وحادثة المواطن الذي اقتنى دلو بنزين وصب