تحولت منطقة مقطع خيرة بالدواودة التي اشتهرت إلى وقت غير بعيد ببيع لحم الديك الرومي، إلى فضاء لذبح وبيع اللحوم الحمراء التي ذاع صيتها عبر عدد من ولايات الوسط في غياب كلي لأبسط شروط النظافة ودون خضوع الكباش التي تذبح أمام مرأى الزبائن للمراقبة البيطرية. عائلات من مختلف المستويات الاجتماعية ومن شتى الولايات المجاورة للمنطقة تتهافت بشكل منقطع النظير على لحم مقطع خيرة الذي بات ينافس لحم أشهر القصابات ولعل طريقة الذبح التي تتم أمام مرأى الزبائن الذين يقدمون طلباتهم فور جلب الكبش هي ماتستهوي هواة أكل اللحم الطازج الذين لايهمهم السعر حسب ما وقفنا عليه ميدانيا أثناء زيارتنا للموقع صبيحة يوم الجمعة المنصرم، بقدر مايهمهم الظفر بأكبر حصة من الكبش المذبوح وما زاد من كثرة الطلب دنو شهر الصيام واشتهاء المزيد في ظل الطلب المتزايد على هذا النوع من اللحوم التي تباع بأسعار منخفضة نوعا ما قياسا بأسعارها بالقصابات، حيث بلغ سعر الكيلوغرام الواحد من لحم «الرخلة» 700 دج فيما تراوح سعر الدوارة ما بين1500 دج و1700دج والكيلوغرام الواحد من الكبدة 700 دج في حين لايتجاوز سعر «البوزلوف» 300دج، وهي كلها أسعار مضبوطة غير قابلة للنقاش والتفاوض مع الزبائن الذين يعاملون بطريقة جافة من قبل هؤلاء الباعة الذين يعمل كل واحد رفقة ثلاثة شبان تقريبا، حيث يتولى أحدهم ولوحده عملية ذبح الكبش، سلخه وتعليقه لإخراج الأمعاء وباقي الأعضاء الداخلية فما يتولى الآخر عملية تقطيعه إلى أربعة أجزاء وهي الكتفين والرجلين الذين يباعون في لمح البصر، كون الطلبات قدمت فور جلب الكبش، حيث يميل أغلب الزبائن للكباش الصغيرة الحجم بحجة طهيها في وقت قصير، فضلا عن نكتها ومذاقها الخاص. وماشد انتباهنا أثناء زيارتنا للموقع الطريقة الغير صحية التي تذبح بها الكباش، حيث يعمد شباب دون الثلاثين من العمر يبدوا وأنهم محترفين في هذا المجال إلى ذبح كباش جميعها تقريبا صغيرة على التراب ووسط ظروف تنعدم فيها أدنى شروط النظافة فحتى المياه لاتستعمل لإزالة الأوساخ والتراب الملتصق ب«الزڤيطة» كما يسميها البعض تقدم على حالها للزبون الذي تغمره فرحة كبيرة لدى ظفره بجزء من الكبش كما تقدم الأعضاء الداخلية خاصة منها «الكرشة» بكم من الأوساخ التي تحويها للزبائن الذين يتهافتون بكثرة على اقتناء ما يسمونه ب«الدوارة» وقد نجم عن انتشار ظاهرة الذبح والبيع الفوضوي للحوم على قارعة طريق مقطع خيرة انتشار الأوساخ والذباب الذي يحوم حول الدماء المتراكمة هنا وهناك، حيث يعمد جميع الباعة إلى التخلص من بعض البقايا وصوف الكباش بمساحة ترابية تقع خلفهم غير مراعين لخطورة هذه التصرفات التي من شأنها أن تؤثر سلبا على المحيط. ومازاد من خطورة هذه الظاهرة عدم خضوع قطيع الكباش المعروضة للذبح للمراقبة البيطرية للتأكد من مدى سلامتها، حيث يعمد بعضهم إلى ذبح كباش مريضة وبيعها للمواطنين الذين يجهلون حقيقتها حسب ما صرح به ل«البلاد» بعض المواطنين. وبينما كنا بصدد الاطلاع على ظروف عملية الذبح والبيع لدى أحد الباعة شد انتباهنا من الناحية الخلفية تحت الأشجار ووسط كم من صوف الكباش المتخلص منه حديثا كبش منبطح أرضا ينبض ويحتضر وبمجرد ما أن لمحنا أحد الشبان الذي كان رفقة ثلة من زملائه سارع إلى إشعارنا أن الكبش حي وأنه سيذبح فيما بعد رغم أنه كان يصارع الموت، يحدث كل هذا أمام مرأى مصالح المراقبة بمديريات التجارة ومكاتب النظافة بالبلديات وكذا مصالح الدرك الوطني التي تجوب طريق مقطع خيرة في شكل دوريات شنت في عديد المرات حملات للقضاء على هذا النوع من التجارة التي ستزداد لامحالة انتعاشا خلال شهر رمضان. وقد تسببت هذه الظاهرة اللاحضارية في تشويه المحيط بغض النظر عن أضرارها على البيئة وعلى صحة المستهلكين الذين يبدو وأنهم لايراعون هذا المجال أدنى اعتبار، بدليل الإقبال المكثف على اقتناء هذه اللحوم التي باتت تستهوي وتسيل لعاب المئات من العائلات التي تقصد مقطع خيرة لشراء اللحم الطازج، رغم أن فارق الأسعار لايختلف كثيرا عما هو بالقصابات.