تمكن العشرات من البطالين بولاية تيبازة خاصة بالجهة الغربية خلال هذا الشهر الفضيل من محو بطالتهم بعد أن اتخذوا من بيع الفواكه الموسمية والذرى المشوية مصدر استرزاق جنب الكثير منهم مذلة السؤال. وتحولت حواف الطريق الوطني رقم 11 خاصة على مستوى المحور الرابط سيدي موس بالناظور وشرشال إلى فضاءات تجارية حكرا على بائعي الفواكه الموسمية، لا سيما منها التين الأخضر والتين الشوكي المعروف بالهندي أو كرموس نصارى وكذا العنب، حيث يعمد العشرات من الشباب على اختلاف أعمارهم إلى جني هذه الفواكه من المزارع والحقول وحتى من البراري قبل عرضها في الدلاء بأسعار تختلف من بائع إلى آخر. الكميات المعتبرة من السلع المعروضة على حواف الطرق تعكس حسب شهادات بعض البائعين وفرة المنتوج الذي تزخر به الجهة الغربية للولاية المعروفة بطابعها الجبلي والريفي وهو ما دفع بهؤلاءالشباب، لا سيما منهم الأطفال والبطالين إلى استغلال هذه الخيرات التي اتخذوا منها مصدر عيشهم مثلما هو الشأن بالنسبة لأحمد البالغ من العمر 34 سنة، متزوج أب لطفلة الذي أكد ل «البلاد» أنه يستيقظ يوميا باكرا قبل طلوع الشمس، حيث يعمد إلى قطف التين من الأشجار المتواجدة بحقله بعدها يضعها في الدلاء والسلال ويزينها بأوراق الشجر في شكل مغري للغاية وفور فراغه من هذه العملية التي لاتستغرق وقتا طويلا يغادر البيت متكلا على الله آملا في بيع سلعته في ظرف وجيز حتى يتمكن من القيلولة والاسترخاء من عناء الوقوف تحت أشعة الشمس الحارقة. الأطفال الصغار بدورهم لم يفوت هذه الفرصة التي من شأنها أن تدر عليهم أموالا يستغلونها في اقتناء ألبسة العيد ومستلزمات الدخول المدرسي مضحين بذلك براحتهم وعدم تمتعهم بعطلتهم الصيفية، وفي هذا الشأن أبدى العديد منهم ممن يبيعون الفواكه الموسمية، الكسرة، الحليب والبيض بمنطقة سيدي موس بالقرب من منبع مائي إبتهاجهم بالعمل التجاري الذي يقومون به كونه قضى على أوقات فراغهم المملة خلال شهر رمضان، غير مبالين في ذلك بلهيب درجة الحرارة ولا حتى بمشاق الصيام في هذه الأيام الحارة. بعض البطالين الذين ينتظرون فصل الصيف بفارغ الصبر لتحصيل ما يمكن تحصيله من أموال من عائدات الكرموس وفي حديثهم ل«البلاد» حمدوا الله وشكروه على هذه النعمة، خاصة وأن التين المعروف بالكرموس أو البخسيس ينموا في الخلاء ولا يتطلب إمكانيات. وحسب شهادات البعض ممن وجدناهم منهمكين في بيع سلعهم على مستوى الطريق المؤدي إلى شرشال، فإن هذه الفواكه حفظت كرامتهم وجنّبتهم مذلة السؤال خلال هذا الشهر الفضيل الذي تكثر فيه المصاريف، لا سيما لأرباب العائلات المطالبين بتوفير مستلزمات تحضير وجبات الإفطار التي عادة ما تتعدد وتتنوع. ومازاد من تحفيزهم على ممارسة هذا النشاط التجاري الإقبال الكبير عليه من قبل المواطنين العابرين للطريق الوطني رقم 11 الرابط بين الجزائر العاصمة وتيبازة الذين يتوقفون ويقتنون هذه الفواكه بكميات معتبرة، نظرا للذتها وجودتها، خاصة وأن جلها تقريبا قطفت من المناطق الجبلية العذراء. شرق تيبازة لايختلف تماما عن غربه من حيث النشاط التجاري المتمثل أساسا في بيع الخس البري نهارا والذرى المشوية على الجمر ليلا التي تستقطب العائلات المتوجهة خاصة نحو مقاهي الشاي وصالونات بيع المثلجات بالدواودة البحرية. رائحة الجمر المنبعثة على بعد أمتار والذرى المشوية التي يسميها بعض المواطنين بالماييس أو الجمار تستوقف المارة الذين يتهافتون على شرائها رغم غلائها، حيث يصل سعر الواحدة منها إلى 50 دج. ويبقى هذا الفصل بمتاعبه وبلهيب درجة الحرارة من بين الشهور المفضلة للكثير من الشباب البطال الذي يجد فيه ضالته.