من الطرائف المبكية.. ما أورده الشيخ محمد الغزالي رحمه الله.. من أن شيخا سلفيا اجتهد في عرض أزيد من ثلاثين دليلا من الكتاب والسنة.. على استحالة نزول البشر على القمر.. ولاشك أن هذا اللون من التفكير القاصر أضر بالإسلام كثيرا.. وقعد بالمسلمين عن فهم دينهم أولا.. وعن مواكبة الفتوح العلمية ثانيا.. تلك الفتوح التي وضعت أمما في الصف الأول.. وأزاحت غيرها إلى الصف الأخير.. أو قل خارج الصف. نظرت إلى تمكن الأمريكان من إنزال مسبار ضخم ومتطور تكنولوجيا على سطح القمر.. وتابعت تصريح الرئيس الأمريكي باراك أوباما الذي قال إن «أمريكا تصنع التاريخ بالهبوط الناجح لأول مركبة فضاء تهبط على كوكب آخر…. لتقف شاهدا على تفرد الإبداع والتصميم الأمريكي».. فأدركت أن الغرب في واد.. والمسلمين في واد.. هم يتقدمون ويحرزون نجاحات باهرة.. ونحن نتأخر لنثبت عجزنا عن تحقيق أي إنجاز علمي أو تقني. عدت إلى كتاب الله.. الذي يتحدث باسمه بعض القاصرين والكسالى.. فأدركت أن الغرب يطبق ما فيه – وإن لم يدر ذلك -.. وأن المسلمين يقرأونه كما يقرأون الصحف اليومية.. لا يتدبرون آياته.. ولا يعملون بمقتضاها.. فأي الفريقين أحق بالانتساب لهذا الدين؟ ألا يقرأ المسلمون قول الله تعالى (يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَن تَنفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ فَانفُذُوا لَا تَنفُذُونَ إِلَّا بِسُلْطَانٍ الرحمن 33).. لوفقهوا معنى هذه الآية.. ما تجرأ أحد شيوخهم على نفي نزول الإنسان على القمر.. فما السلطان الذي تخترق به أجواء الفضاء.. إلا هذا العلم الكوني.. الذي مكن الإنسان من بعض أسراره. وهل علموا أن في كتاب الله ما يدل على أن الإيمان الراسخ.. لا يتأتى إلا عن طريق النظر (…فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا خَلَقَ اللّهُ مِن شَيْءٍ … الأعراف 185).. وأن الناس ملزمون بتعقب بدايات الخلق.. والبحث في أسرار الحياة (قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ … العنكبوت 20).. وأن الحق سيظهر.. لا من خلال جهالات الجاهلين.. بل بعلم العالمين (سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ فصلت 53). للأسف.. هم ينزلون على المريخ بآلاتهم.. كما نزلوا من قبل على القمر برجالاتهم.. ونحن نتعارك من أجل مطالع الهلال.. كأننا لا نقرأ قوله تعالى (لَا الشَّمْسُ يَنبَغِي لَهَا أَن تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ – يس40).. والنتيجة أننا نتيه في الأرض.. بعد أن تحطمت بوصلتنا.. فمتى نصلحها؟