فنان تشكيلي من جيل السبعينات، من خريجي المدرسة العليا للفنون الجميلة بامتياز، لم يولد سوى ليصبح رساما وفنانا تشكيليا مبدعا، علاقته مع الريشة والألوان تعود إلى الطفولة المتقدمة. يعرف نفسه بتشكيلي الحامل “الشوفاليي” وبالفنان المعاصر، متخصص في الرسم الزيتي، لديه جزيرة مفصولة عن العالم ولكنه كأي فنان ابن زمانه وبيئته يعيش أفراحها ومآسيها. تحمل أعماله فكرة. عرض محليا ووطنيا ودوليا زار الولاياتالمتحدةالأمريكية، بريطانيا، كندا، تركيا، المغرب، تونس، لبنان وفرنسا. خليل عدة جمعتنا به الصدفة الجميلة في مهرجان “أحكي لي الفن” بقرية الساحل ب”أوزغن” بتيزي وز منذ أسابيع في قاعة محمد راسم العتيقة فكانت الأسئلة وكان البوح الصادق، والفكرة اللافتة، لفنان يعيش بطريقة استثنائية مع الإبداع ويتعامل مع مجتمعه البعيد عن التشكيل. هو فنان أمام اللوحة ومع الناس، فنان في الملأ وفنان في الخلاء. الفن التشكيلي والأدب والشعر والتاريخ الفنان التشكيلي يجب أن يعيش داخل “قوقعة” -يقصد- رحاب الفنون وضمن دائرة وفضاء الأدب والشعر والتاريخ، فهو مثل النوتة الموسيقية في السلم الموسيقي، وهو مرآة عاكسة بصدق، ووارث اجتماعي، يعكس ما هو موجود في مجتمعه، نافذة مخترقة. لذلك ينبغي أن تكون العلاقة وطيدة وعميقة مع مختلف التعابير وأساليب البوح الفني، يجب عليه أن يكون مثقفا أو له نصيب من ذلك، ان يكون له إلمام بمدارات العلوم ليس عليه أن يكون متخصصا بل على دراية ومن تم رعاية لفنه الذي يتعهده، لأنه في لوحته التشكيلية، يحاول أن يوصل فكرة معينة. ففي السابق كانت الفنون، الرسم، النحت التصوير الخ، لكن الآن النقد الفني المعاصر يعتبر كل ما هو تشكيلي هو فن مرئي لأنه يعتمد على الرؤية العين، مختلف الفنون المعاصرة حدث فيها تزاوج، يعني الفنان التشكيلي لا يتعامل مع اللون فقط بل مع خامات أخرى، يضع تحفته الفنية في فضاء معين. النحت أو حتى الصورة أو الكوريغرافيا والإيحاءات الجسدية صارت تدخل ضمن مفهوم الفن المعاصر. الفنان التشكيلي وصل إلى مرحلة متقدمة في استعمال جسده كحامل للفكرة بغض النظر عن الصورة، وظهر هذا في أربعينيات القرن 19 وبذلك أصبح له حرية كبيرة وخامات كثيرة في التعبير عن الفكرة، التي هي وليدة التحولات في المجتمع، وفي العالم، سياسيا، اجتماعيا، فكريا وثقافيا، وحتى في الاستهلاك الغذائي اليومي. الفنان التشكيلي صاحب فكرة وليس مجرد حرفي لابد يقول- من التفرقة بين الفنان التشكيلي المفكر والتشكيلي الحرفي، هذا الأخير الذي لا تحمل أعماله الفنية فكرة ما، بل قيمة جمالية، فهي تستعمل للتزيين وللديكور ليس أكثر. لكن التشكيلي صاحب الفكرة هو متمرد وناقد، ينظر إلى ما وراء الشيء والموضوع مزج بين التجريد والتعبيرية. هناك فنانون كبار غيروا نظرة العالم، مثلما هو الشأن في حركة كوبرا التي ظهرت في 1948، وكانت نواة للفن المعاصر، فلا يرسم الشجرة كما يفعل الكلاسيكي والانطباعي. أنا ارسم إحساسي، فهنا الفن المعاصر أصبح أقرب إلى الفلسفة، الأدب والشعر. أصبح الفنان التشكيلي والشاعر يرسمان يشتغلان على نفس الفكرة، التشكيلي يرسم بالألوان والشاعر يكتب الكلمات لنفس اللوحة. يقول عبد الحليم أن الشعر والأدب والموسيقى، الفن التشكيلي والمسرح، كلها اجتمعت الآن كي تكون عمل تشكيلي قوي، وبه نستطيع ايصال فكرة ما إلى أبعد مسافة وإلى أعمق نقطة في ذات الإنسان، لذا يجب للفنان أن تكون له الثقافة الواسعة، فلا يجب أن يهتم باللون والشكل فقط، لكن ماذا سيرسم بهذه الأشكال، يجب أن يكون فعالا في التطور الثقافي والحضاري للمجتمع. الأسلوب هو اكتشاف المتاهات أنا خريج المدرسة العليا للفنون الجميلة، ومنذ الثانوية كنت أدرك أن مهمة التشكيلي ليست بالسهلة ولا بد أن يكون لصاحبها مستوى معين بل ورفيع، وعليه أن يدرس طويلا وبجدية، دراسة تاريخ الفن واكتشاف المتاهات الجميلة في هذا الفن وحتى تكون لي طريقة محترفة خاصة في التعامل مع اللوحة، وهذا يأتي مع الجدية والدراسة، يقول “أنا ولدت فنانا، وأنا في أطواري الأولى وأنا طفل في الابتدائي، كنت لما أرى أنظر اللوحة أتعجب، ووجدت نفسي أتقن بعض الرسومات البسيطة، ولم يكن هناك قرار، فمنذ البدء كنت محضرا لأن أغدو تشكيليا، لم تكن هناك حيرة بل ثقة وعرفة حدسية بأن الطريق كان مرسوما مسبقا، فأنا ولدت كي أرسم، هكذا أقول دوما، وأحس أن هذا هو عالمي، ولما لا أرسم أحس أن هناك خللا ما، رغم كون الرسم والتشكيل معاناة لأنه تعبير، في الضيق يحتاج الإنسان إلى أن يصرخ، أنا اصرخ باللون هذا أسلوبي. وجدت الإنسان بمهرجان “راكونتار” كانت مشاركتي في “راكونتار” بقرية الساحل بأوزغن بتيزي وزو الصائفة الماضية، وهي أول مرة أشارك فيه، الأمر رائع فهو يجمع كل الفنون التشكيل، الأدب الموسيقى الشعر الأعمال التقليدية، كان يجمع الإنسان. مركز القرية كان هو المسجد، هو مركز الأحداث. هناك تركت بصمتي بانجاز لوحة حول يوميات المرأة القبائلية، هي امرأة تجلب الماء وتحمل جرة، بألوان زيتية على القماش. لم أرد رسمها على الحائط لأنني فكرت في الشتاء والخامات الموجودة والدهان ليس له مقاومة كبيرة للضوء أو ماء المطر، ففضلت أن رسم لوحة لأهل القوية للذكرى. الفن التشكيلي آخر اهتمامات الوزارة هناك ارتباط عميق بين ظروف البلد والسياسات المتبعة وواقع الفن التشكيلي، وإن كنت ممن لا يشتكي في الغالب، لكنني أعتقد أن الفن التشكيلي هو آخر اهتمامات الوزارة، والمعارض التي تقام، ولائية كانت أو وطنية، أو صالونات الفنون، هي مجرد فضاء يلتقي فيه الفنانين مع بعضهم البعض ولا يوجد جمهور، وهنا مشكلة الإعلام لهذه المعارض والترويج لها، مما يجعل المعرض يجري في صمت. العلاقة ما بين الفن التشكيلي والدولة منفصمة وإن صادف وكانت فهي للتباهي وللحظات معينة ثم ينتهي كل شيء. يعود الأمر إلى عدم إدراك أهمية الفن التشكيلي في البناء الحضاري. لأن فن الحامل “شوفاليي” شيء جديد دخيل على الدول العربية. ما من بيت إلا وتجد فيه لوحة تشكيلية، لكن زيارة المعارض ليست من عادات الجزائري. العلاقة مبهمة بين اللوحة التشكيلية والجمهور لدينا الفنون التطبيقية الزخرفة المنمنمات، فيها تطور وازدهار، لكن فن الحامل دخيل، وليس كما يعتقد البعض أنه فن نخبوي بدليل أن كثيرا من المنحدرين من طبقات اجتماعية بسيطة يسجلون بمدارسه ويمارسونه وينجحون فيه بامتياز، هو مشكل اتصال ومعلومة، وهناك أيضا شيء مبهم في العلاقة بين اللوحة التشكيلية والجمهور، وربما الفنان نفسه لم يكتشف الطريقة المثلى لهذه العلاقة، ومؤخرا نجد كثيرا من الشباب في الشوارع ضمن ما يسمى “ستريت ارت” فن الشارع، رسم على الجدران، وهي حركة قديمة ظهرت في ستينيات القرن الماضي. الفنان طموح للكمال الفني والسمو الروحاني يقول، ليس المهم أن يكون المرء راض أم لا، لأن الفنان دائما يعمل ويبحث، بل هو كأي إنسان غير راض فالحياة كلها صعبة، لكنه يبقى يطمح ويواجه العراقيل، ونحن من آدم نتوق إلى الجنة لذلك ننشد الكمال الروحاني. الشيء الصعب على الفنان هو أن يعيش في صمت بعيدا عن العالم، فمن أجل إقامة معرض معين يجب أن يرسم من 50 إلى 60 لوحة وتأخذ من عمر الفنان سنين يكون منعزل والعالم يمشي، فحياتك تذهب في بعض اللوحات ممكن أنه لما تكمل 500 لوحة تنتهي حياتك. نعيش من المخاض إلى الولادة من أجل لوحة معينة فلا بد من وجود ظروف محيطة، صمت، مكان منعزل عن العالم، لذلك من الجانب النفسي الكثير من الفنانين التشكيليين يعيشون نوعا من الحزن في حياتهم والغربة والحرمان، وحاليا الفنان التشكيلي ليس سعيدا في حياته بصراحة. خلال المعرض قد تجد الفنان سعيدا، لكن باقي اللحظات فهو يعيش معاناة كبيرة، نعم من ينجح في هذه الظروف فهو العبقري، إذا صادف وأن وجدنا فنانا يبقى أمام لوحاته 40 سنة فهو قوي جدا، أعرف شخصيا الكثير ممن تخرجوا من مدرسة الفنون الجميلة قد غيروا المسار، ومن دفعتي لم يتبقى سوى اثنان أو ثلاثة، وأنا حافظت وضحيت رغم الصعاب، لأنني لم اختر الفن بل هو الذي اختارني، ولدت لأكون فنانا. مراحل من الرحلة الفنية التشكيلية للفنان المبدع الفنان عبد الحليم كبيش من مواليد 23 أكتوبر 1972 بجيجل، متحصل على دبلوم الدراسات العليا من المدرسة العليا للفنون الجميلة سنة 1998 في تخصص الرسم الزيتي. له العديد من المشاركات والبروز على المستوى المحلي الوطني والدولي، عرض في رواق محمد راسم في 1997، وبفندق الأوراسي، وفي السنة الموالية 1998 عرض في مستشفى مصطفى باشا في مركز نقل الدم، وفي 2002 عرض بالمركز الثقافي مالك حداد بقسنطينة، وفي 2003 عرض بدار الثقافة بوهران، وفي 2015 عرض بمركز التسلية العلمية الذي صار يحمل اسم المركز الثقافي مصطفى كاتب في معرض سمي “همزة وصل”. وعرض بذات السنة في رواق راشدي بحيدرة بالجزائر، كما انتقل إلى الأردن وعرض في رواق رأس العين بالعاصمة عمان، ثم انتقل إلى تونس في 2016 ليعرض في المركز الثقافي بقفصة، وفي ذات السنة إلى المغرب ليعرض بالمركز الثقافي بالحسيمة ثم ليطير إلى لبنان ويعرض في رواق الصنائع، ومنه إلى الولاياتالمتحدةالأمريكية ليعرض في نيويورك في رواق داسيا، ومنه إلى كندا ليعرض في “أريجي غاليري تورونتو”، وفي 2017 عاد إلى الولاياتالمتحدة ليعرض في “78 ستريت غاليري” بأوهيو سيتي، وليحط بعدها في نفس السنة في الرواق الأثير محمد راسم وسط المدينة البيضاء الجزائر، ثم معرض في فرانس فانون برياض الفتح في 2018، وفي 2019 يطير إلى أنكلترا هذه المرة ليعرض “غاليري روفتوب سنتر”. شارك في العديد من الصالونات، في 2002 صالون الفنون التشكيلية بوهران، وفي 2014 في صالون الفنون التشكيلية بعين الدفلة. في 2015 كانت له العديد من المشاركات في صالونات الفنون التشكيلية بكل من، أم البواقي، البليدة، تلمسان، أدرار، سكيكدة، ومعرض أخر بنفس السنة في الصالون الوطني للفن الإسلامي ببومرداس. وفي 2016 شارك في المهرجان الوطني للشعر بتسمسيلت، وبعدها راح وارتقى إلى بجاية الناصرية في ذات السنة في “بينال” الفنون التشكيلية ببجاية، وفي 2017 شارك في صالون الفنون الجميلة بقالمة.