عقد مجلس الوزراء يوم الخميس بالجزائر العاصمة اجتماعا استثنائيا خصص للمصادقة على مخطط عمل الحكومة الذي سيعرض على البرلمان بغرفتيه. و توج هذا الاجتماع بيان. هذا نصه الكامل: “ترأس اليوم الخميس 06 فيفري 2020, رئيس الجمهورية القائد الأعلى للقوات المسلحة, وزير الدفاع الوطني, السيد عبد المجيد تبون, اجتماعا استثنائيا لمجلس الوزراء, خصص للمصادقة على مخطط عمل الحكومة الذي سيعرض على المجلس الشعبي الوطني ومجلس الأمة, طبقا للمادة 94 من الدستور. إن مخطط عمل الحكومة, الذي يستمد مرجعيته من التزامات السيد رئيس الجمهورية, يبرز ضرورة الاستعجال باعتماد مراجعة عميقة لأنماط الحكامة واستنباط قواعد جديدة لإنجاح سياسات التنمية وخلق ديناميكية تفاعلية, وذلك من خلال عدة آليات أبرزها إصلاح نظام الانتخابات, وتفعيل آليات مبتكرة للإصلاح المالي والضريبي, وطمأنة المتعاملين الاقتصاديين الأكثر تضررا من الاختيارات غير الملائمة في مجال تسيير شؤون الاقتصاد, كما يركز هذا المخطط على ثالوث التجديد الاقتصادي القائم على الأمن الغذائي والانتقال الطاقوي والاقتصاد الرقمي, كذلك تسهر الحكومة, وفق مخطط عملها, على وضع خريطة وطنية للاستثمار بفتح فضاءات جديدة للعقار الصناعي لاسيما في الهضاب والجنوب. ويولي المخطط بصفة خاصة أهمية كبيرة للتنمية البشرية والاجتماعية, بفضل برنامج متكامل لإصلاح وتقويم منظومة التربية والتعليم العالي والبحث العلمي والتكوين والتعليم المهنيين, وتطوير قطاع الصحة والثقافة, ودعم الرياضة والتربية البدنية في مختلف أطوارها, واعتماد سياسة رفع القدرة الشرائية للمواطن, والتكفل بالفئات الهشة, وإعطاء الأولوية في الاستفادة من السكن لذوي الدخل المحدود, والاهتمام بالمناطق المعزولة التي لا تتوفر فيها الخدمات الأساسية. وفي إطار تعزيز دولة القانون وترقية الممارسة الديمقراطية الحقيقية, ستعمل الحكومة على ضمان حرية الاجتماع والتظاهر السلمي وتدعيم الصحافة ووسائل الاعلام لممارسة نشاطها في ظل الحرية والاحترافية والتزام المسؤولية وأخلاقيات المهنة، كما تسهر على تقنين نشاط الصحافة الالكترونية والإشهار. إن الحكومة تعمل على توفير كل الظروف التي من شأنها تمكين المرأة من تبوأ مكانتها في الساحة السياسية ومواقع المسؤولية, وتحقيق استقلاليتها, ومن جهة أخرى يشكل الشباب الأولوية الكبرى في مخطط عمل الحكومة, بحيث سيكون محور مخطط وطني خماسي 2020-2024, لكي يتمكن من الإسهام بفعالية في مسار بناء الجمهورية الجديدة في كل المجالات. كذلك يعتمد مخطط عمل الحكومة سياسة خارجية نشطة وسابقة التأثير, تنتهج دبلوماسية أكثر فعالية في المجال الاقتصادي والثقافي, وتمنح الأولوية للحوار في حل النزاعات, كما تولي عناية خاصة لإفريقيا, فضلا عن الاهتمام بالجالية الجزائرية في الخارج وإشراكها في مسار التجديد الوطني. وفي مجال الأمن والدفاع الوطنيين, تعكف الحكومة تحت إشراف السيد رئيس الجمهورية القائد الأعلى للقوات المسلحة وزير الدفاع الوطني, على تكثيف جهود العصرنة وتعزيز الاحترافية وتطوير الصناعة العسكرية وتنمية قدراتها في مجال الدفاع السيبراني, حتى تكون على جاهزية دائمة لمواجهة التهديدات الخارجية, ومواصلة محاربة فلول الإرهاب والجريمة المنظمة, والاستمرار في المساهمة الفعالة في التكفل الطبي لصالح المواطنين بالمناطق المعزولة لاسيما في الهضاب والجنوب. وفي تعقيبه على مشروع مخطط العمل المعروض, طلب السيد رئيس الجمهورية من الحكومة التركيز على التوزيع العادل والمتساوي للتنمية على المستوى الوطني, وتشجيع أرباب العمل القادرين على خلق مناصب الشغل, بتحفيزات ضريبية تحثهم على المساهمة في امتصاص البطالة. وهنا دعا رئيس الجمهورية إلى إعادة النظر في منظومة الضرائب بالتعجيل برقمنتها, وأن يمتد ذلك إلى إدارة الجمارك, للتخلص من آفة التهرب الضريبي والتهريب التي تنخر الاقتصاد الوطني وتغذي الممارسات الفاسدة, وتزيد في تبعيتنا لعائدات المحروقات. وألح رئيس الجمهورية على ضرورة إعطاء الأولوية المطلقة لتحويل المواد الأولية الوطنية, بدل تصديرها بصفة تلقائية في شكلها الخام, نظرا للدور الذي تلعبه في خلق الثروة ومناصب الشغل. وفي هذا الصدد أكد استعداد الدولة لتشجيع أي مشروع في الصناعات التحويلية بنسبة تمويل قد تصل إلى 90%, وإعطاء الأولوية في منح العقار الصناعي لهذا المشروع. ثم وجه السيد الرئيس الحكومة للمزيد من الاهتمام بالمجتمع المدني, بمساعدته على تنظيمه في جمعيات تعتمد دون تباطؤ, لأنها تشكل بوتقة التطور والتنمية, كما أمر بتشجيع الأعمال الخيرية والأعمال التطوعية, باعتبارها رافدا مهما يحث على المنافسة السلمية على التضامن وتقوية اللحمة الوطنية. وجدد الرئيس دعوته للوزراء المختصين إلى ضرورة تشديد الرقابة على استيراد المواد المغشوشة بوضع مخابر عصرية متعددة التقنيات في منافذ البلاد, لمراقبة جودة المواد المستوردة, والتأكد من صلاحيتها, ولا سيما تلك الموجهة للاستهلاك أو الاستعمال في قطاع البناء, كما أمر وزير التجارة بمنع استيراد اللحوم الجافة. وبعد ذلك, أبدى السيد الرئيس ملاحظة بشأن عدم دقة بعض الأرقام المتداولة في الميدان الاقتصادي, وأكد بأن الاقتصاد لا يقوم على التقديرات, وإنما على إحصائيات دقيقة, وطلب من الوزير المختص الإعداد الفوري لعملية إحصاء شامل للسكان حتى تبنى سياسة التخطيط الوطني على أسس صحيحة مما يساعد على معرفة حجم الاستهلاك الوطني يوميا, وبذلك نستطيع تكييف استهلاكنا ووارداتنا وفق حاجياتنا الحقيقية, كما وجه بإنشاء شبكة تفاعلية للإحصائيات تمتد عبر مجموع التراب الوطني من البلدية إلى الوزارة المختصة بالإحصاء لتسهيل عملية التحكم في الاقتصاد. ثم تطرق رئيس الجمهورية إلى منظومة التعليم العالي والبحث العلمي, فطلب من الوزير المختص مراجعة عميقة لهذه المنظومة في جوانبها الاجتماعية والبيداغوجية, حتى تتكيف مع متطلبات العصر, وتراعي الزيادة السكانية الضاغطة على إمكانات الدولة. وفي ختام الأشغال, أعطى السيد الرئيس تعليمات إلى وزير الصحة والسكان وإصلاح المستشفيات بالشروع فورا في الدراسات الضرورية لتسجيل مشروع إنشاء مركز استشفائي ضد السرطان في ولاية الجلفة, وأمر بأن يشرع في إنجاز هذا المركز قبل نهاية السنة الجارية, كما طلب من الوزير الأول السهر على الإعداد الجيد لتنظيم اللقاء المرتقب في بداية النصف الثاني من الشهر الجاري, بين الحكومة والولاة, وبحضور رؤساء الدوائر ورؤساء المجالس الشعبية الولائية ورؤساء المجالس الشعبية البلدية في عواصم الولايات”.