أبدت العديد من العائلات القاطنة بحي الياسمين، ببني مراد تذمرها إزاء الحالة الإجتماعية الصعبة التي تعيشها منذ حوالي 15 سنة، في ظل غياب أهم متطلبات العيش الكريم، من ماء وغاز، ونقل، وشبكة للصرف الصحي، والأسوأ من هذا هشاشة البيوت القصديرية التي تكاد تنهار فوق رؤوس قاطنيها، وقد بحثنا كثيرا في هذا الحي الفقير الذي يضم حوالي 300 عائلة عن اي شيء له علاقة "بالياسمين" الورد ذي الرائحة الطيبة الذي أطلق على هذا الحي، فلم نجد له أثرا، إذ كان من الأحسن لو أطلقوا عليه اسم حي الميتون الأحياء، هذا ما قاله أحد القاطنين عند استفسارنا عن أصل التسمية، فهذا الحي عبارة عن مجمع أو محتشد من البيوت القصديرية، أو الأكواخ، التي بنيت من طين وقش وقصدير صدئ، لا يمنع دخول أمطار الشتاء، ولا يحبس حرارة الصيف، كما أن هذه البيوت، تشهد ارتفاعا شديدا لدرجة الرطوبة، التي تسببت حسب البعض في العديد من أمراض الحساسية، والتنفسية والربو، إضافة إلى كون هذه البراكات، لا تتسع للعدد الكبير من الأفراد، أما عن الأزقة فهي عبارة عن طرقات ترابية، تعبر عن نفسها من خلال النظر إلى الحفر العميقة والحجارة المنتشرة فيها، وقد أوضح أحد القاطنين أنها تصبح مستنقعات مائية في فصل الشتاء، ولا يتمكنون من السير فيها إلا بصعوبة، نظرا للأوحال والبرك المائية، وبحديثنا عن قنوات الصرف، اشتكى محدثونا من امتلاء البالوعات التقليدية أو الأقبية، التي وضعوها بأنفسهم، ويضطرون للاستنجاد بأصحاب المهنة المختصين لحفض منسوب المياه، التي تتسرب إلى السطح، وتتسبب في نشر الروائح الكريهة، التي تعوّد السكان عليها حسبهم، وعلى الحشرات اللاسعة والجرذان التي تتكاثر في هذه الأمكنة العفنة فقد أكد أحد القاطنين، أن زوجته تعرضت لهجوم من جرذ كبير نتج عنه إصابات، وجروح خطيرة، تطلبت نقلها بسرعة إلى المستشفى لتلقي العلاج، لذلك فإن الخوف من التعرض لمثل هذه الحوادث يسكن قلوبهم، ناهيك عن أسراب الباعوض، والذباب التي حولت حياتهم إلى جحيم، خصوصا في فترات الصيف، أما عن الماء الصالح للشرب، فالسكان يجلبونه عن طريق الدلاء من الأحياء المجاورة والتي تبعد عنهم مسافة 2 كلم، وهو نفس الحال بالنسبة لقارورات غاز البوتان، التي لا يمكنهم الاستغناء عنها، نظرا لغياب غاز المدينة، وعن النقل أوضح محدثونا أنهم يمشون مسافة 2 كلم على الأقل للوصول إلى الطريق العام، أين يمكنهم أن يستقلوا الحافلات التي تمر عبر الطريق الوطني باتجاه البليدة أو العاصمة، وهذه الحالة الصعبة يعيشها هؤلاء كل يوم. أبدى القاطنون استيائهم خصوصا وأن السلطات المحلية حسبهم لا تلبي مطالبهم ولا تستقبلهم لأنهم قدموا من ولايات خارج البليدة، وأوضح هؤلاء أنهم لا يمكن لهم أن يعودوا إلى ولاياتهم لأنهم فقدوا ممتلكاتهم بعد مرور كل هذه السنوات لذلك فكل أملهم أن تتكفل بهم السلطات المحلية لولاية البليدة، وتمنحهم سكنات لائقة، تحفظ لهم العيش الكريم، ولأولادهم وتعيد لهم الأمل الذي بدأت ملامحة تتلاشي، خصوصا وأن العديد منهم مات وهو يتحسر ألما وسط ظروف مزرية.