امتثل أمام محكمة الجنايات لدى مجلس قضاء الجزائر نهاية الاسبوع المنصرم شاب في زهرة شبابه يبلغ من العمر 23 سنة، ليجيب عن اسئلة رئيس المحكمة عن الجريمة الشنيعة التي ارتكبها في احدى احياء عين النعجة بالعاصمة والتي راح ضحيتها شاب يصغره سنا ذو 19 ربيعا بعدما تلقى طعنة غدر على مستوى القلب كانت قاتلة واسقطته جثة هامدة وهو يحمل بأصابع يده فنجان قهوة. بدت وقائع محاكمة المتهم " ب فتحي" مؤثرة ومؤلمة في نفس الوقت جسدت صرخة ابناء مجتمع رمى بهم طلاق الازواج الى احضان الشارع في وقت لا يرحم، ومن قال ان تشتت وتفكك الاسرة الجزائرية لا يخلف الا انتائج وخيمة، فاصطحاب رفقاء السوء تعاطي التدخين والمخدرات وتناول الخمر حتى الادمان كلها تصرفات وسلوكات ترمز الى الانحراف وتدفع بضحايا الطلاق للجوء الى السرقة والخطف وسفك الدماء وزهق ارواح الابرياء، تركوا الحياة وغادروا دنياهم دون سابق انذار واحترقت لاجل رحيلهم كبدات اوليائهم واشتعلت قلوبهم نارا للوعة فراقهم ففي جلسة محاكمة " ب فتحي" المتابع بجناية القتل العمدي مع سبق الاصرار والترصد، التي استعطفت قلوب الحاضرين لما قاله دفاع المتهم لهيئة المحكمة عن موكله والظروف القاسية التي خلقت في نفسه روح الانتقام ساقته بغير مشيئته الى الاجرام، ففي احدى احياء عين النعجة وبالتحديد بالقرب من حي " براكورسي" سقط اسامة جثة هامدة غير بعيد من المقهى الذي دخله رفقة صديقيه من اجل شراء فنجان قهوة وارتشافه لكن اجل اسامة كان قصيرا وحرمه من تناول فنجانه رفقة ابناء حيه فعلى بعد 10 امتار من المقهى اختلى به " ب فتحي" المتهم بعدما شاهده ذاهبا مع رفقائه فناداه باسمه فالتفت اليه هذا الاخير ظنا منه ان المتهم جاء لتصفية حساباته معه بسبب الشجار الذي كان قد وقع بينهما منذ لحظات قليلة فقط، لكن المتهم جعله يثق في شخصه ويذهب معه في آمان بعدما اخبره انه يريد محادثته بعض الشيء فقط الامر الذي جعل صديقيه ينصرفان تاركين اسامة مع المتهم، وبعد بضع خطوات فقط مشاها الضحية رفقة الجاني وعلى غفلة منه غمد سكينا من الحجم الكبير في قلب اسامة بعدما وجه له طعنات في بطنه لم تكن كافية لازهاق روحه خاصة بعدما ابدى الضحية مقاومته وصرخ بعبارت يستنجد بمن حوله فسمعه صديقيه وعادا ادراجهما مسرعين لانقاض المجني عليه لكن كان ذلك بعد فوات الاوان، فالمتهم تخلص من الضحية وسل السكين من جسده وفر مسرعا بعدما لاحقه صديق اسامة اما الآخر كان بجنبه ليسعفه لكن لم يفلح في ذلك بل لفظ الضحية انفاسه الاخيرة وهو بين يديه. اما المتهم فقد القي عليه القبض بعدما بلغ عنه والده وسلمه الى رجال الامن، حيث اعترف بالجرم الذي ارتكبه دون مراوغة لدى استماعه وكشفت تصريحاته امام هيئة المحكمة انه تعرض الى الاعتداء من قبل الضحية وصديقيه حاولا الاستيلاء على حقيبته لما كان عائدا من العمل الى منزل جدته التي اوته بعدما طردته زوجة ابيه فبعد الاعتداء صعد سلالم العمارة حتى الطابق الحادي عشر وتناول سكينا من المطبخ وعاود الخروج من المنزل ثانية وهو يخبئ السكين بين ملابسه وافاد انه حمله خوفا من الاعتداء عليه ثانية وهو ما حصل فعلا حيث وجد ثلاثتهم عائدين من المقهى وحاولوا الهجوم عليه فاخرج السكين دفاعا على نفسه ما جعله يرتكب جريمة في حق الضحية. وفي السياق ذاته انكر الشاهدين وهما صديقا اسامة حادثة الاعتداء على المتهم وانكرا معرفتهما له وصرحا ان شجارا خفيفا حصل بين المتهم والضحية بعدما كان المتهم يوجه نظارات ثانية الى الضحية فساله هذا الاخير عن سبب ذلك ووقعت بينهما مشادات كلامية ما جعل الضحية يوجه ضربة دماغية الى وجه المتهم سببت له جرحا على جبينه فتوجه هذا الاخير الى شقته وعاد وهو يحمل سلاحا ابيضا بين ملابسه من اجل الثار واخذه على جنب من جهته كشف دفاع المتهم ان موكله ليس مجرما بالفطرة وانما هو ضحية تفكك اسرة بكاملها بعدما تزوج والده اكثر من مرة بعد وفاة والدته في حادثة غاز تركته رضيعا لا يتجاوز سنه العام، فاحتضنته زوجات والده الواحدة تلوى الاخرى ثم تخلين عنه فوجد نفسه بين احضان جدته التي لم تفلح في تربيته ومراقبته لكبر سنها، ونتيجة لهذه الظروف اللامستقرة شكلت لدى المتهم عقدة نفسية جعلته يتابع العلاج في مستشفى الامراض العقلية وقد استدل الدفاع بثلاث ملفات طبية تثبت ان موكله يعاني من اضطربات عقلية . اما النيابة العامة فقد اعتبرت قضية الحال واضحة المعالم بداية لما تضمنته محاضر الضبطية القضائية وكذا الوثائق الرسمية وهو ما يثبت ان الجرم الذي ارتكبه المتهم كان عن قصد واصرار مسبق، مستبعدا خلال مرافعته جناية الضرب والجرح العمدي المفضي الى الوفاة دون قصد احداثها الذي طرحه الدفاع كسؤال اضافي ملتمسا من المحكمة عقوبة السجن المؤبد.وبعد الاجابة عن الاسئلة الستة داخل غرفة المداولات قررت هيئة المحكمة تسليط عقوبة تقضي ب 15 سنة سجنا نافذا في حق المتهم لتطوي بذلك أوراق الملف.