عرفت بلدية المقرية بالعاصمة في الآونة الأخيرة قفزة نوعية من حيث كثافتها السكانية التي تزداد يوما بعد يوم، بالنظر إلى العدد الكبير للبرامج السكنية التي جسدت على مستوى أراضيها، وهي برامج في الحقيقة تميزت بتسارع وتيرة إنجاز أشغال تجسيدها على أرض الواقع رغم هذه الجهودات التي بذلتها السلطات والهيآت المعنية لم يتخلص المواطنين القاطنين بأحيائها من معاناتهم التي تتسبب فيها جملة من المشاكل المختلفة والكثيرة ،وأول ما نجد على رأس قائمة هذه المشاكل عجز في المشاريع التنموية المبرمجة عن مواكبة التطورات الحاصلة، أمام تزايد عدد السكان واحتياجاتهم المتنامية. للوقوف على مدى حجم المعاناة التي تتجرعها العائلات التي لطالما كانت تتصل بنا قصد نقل ألمهم للمسؤولين ومحاولة رفع الغبن عنهم ولو قليلا ، قامت "الجزائرالجديدة" القيام بجولة استطلاعية قادتها إلى البيوت القصديرية المتواجدة بالمنطقة التي تدعى "ليفيي" حتى تتمكن من رصد انشغالات ومطالب السكان، الأخيرة التي تستدعي ضرورة تدخل السلطات لانتشالهم من الأوضاع المزرية التي يتكبدونها في تلك البيوت التي لا تصلح للعيش أو أن يقطن بها إنسان. "البلدية المنكوبة "إسم الشهرة .تعيش بلدية المقرية أو ما يعرف ب ''ليفيي'' سابقا مشاكل جمة وعديدة لا تحصى ، فلم يكتب لها القدر بعد أن تتخطى عتبة مشاكلها الاجتماعية والاقتصادية، كما لا يزال شبح أزمة السكن يُطارد مختلف أحيائها المصنفة أغلبها في الخانة الحمراء بسبب هشاشتها، حتى أصبح الجميع يسميها بالبلدية المنكوبة، الأمر الذي يتطلّب تدخل السلطات المحلية بشكل سريع لإخراج أعداد السكان الهائلة التي تقطن بهذه البلدية من المشاكل التي فاقت قدرتهم وحوّلت حياتهم إلى جحيم . نقائص حولت حياتهم إلى جحيم حسب البعض ممن تحدّثنا إليهم فإن جملة النقائص ليست وليدة الساعة، بل تعود إلى سنوات طوال سيما في ظل سياسة الصمت المنتهجة ضدهم من قبل المسؤولين المحليين الذين غالبا ما ضربوا بشكاويهم عرض الحائط، وهو الأمر الذي زاد من حدة معاناتهم، مبدين في ذات الشأن استيائهم إزاء الوضعية التي آلت إليها بيوتهم وسط تلك الأحياء المنسية، في الوقت الذي يشكو فيه رئيس البلدية غياب الحصص السكنية الكافية لإعادة إسكان جميع المتضررين، زيادة على ذلك غياب العقار الذي يسمح للسلطات المحلية بإنجاز المزيد من السكنات، مؤكدين أن مشكل السكن يعد الهاجس الأكبر لدى سكان المنطقة التي تعاني من قدم واهتراء عماراتها، خاصة وأن حل أزمة السكن بإمكانه اليوم أن يحل العديد من المشاكل الجانبية، كما أن تفاقم الأزمة قد يؤدي كذلك إلى المزيد من المشاكل أهمها العنوسة التي عرفت ارتفاعا ملحوظا، وكذا التسرب المدرسي، إلى جانب الأمراض الصحية وحسب السكان فإن السبب الرئيسي في الأزمة ضيق تلك المنازل التي لا تستوعب عدد أفرادها، وعندما توجهنا إلى منازل بعض العائلات التي استقبلتنا بفرحة لاعتقادها بأننا أعوان من طرف مصالح البلدية لإحصائهم من أجل عملية الترحيل، استشفينا على وجوه الجميع تلك اللهفة باستقبال أنباء عن عمليات الترحيل، حيث بدت ملامح الرغبة في افتكاك سكن جديد بادية على وجوه الجميع ممن تحدثنا إليهم حيث صار حلم الحصول على مسكن لائق مطلبا يضني الجميع، وهذا بسبب معاناة ضيق السكنات التي يتخبطون فيها وقدمها مما صار يلمح بقرب انهيارها في أية لحظة. أمراض تهدد صحتهم ووعود على الورق من جهة أخرى وجدنا الرطوبة التي أصبحت تهدّد صحة المواطنين لاسيما أولئك الذين يعانون الإمراض المزمنة على غرار الحساسية والربو وغيرها من الأمراض التنفسية الأخرى، في سياق آخر أعرب قاطنو البيوت القصديرية والهشة عن سخطهم وامتعاضهم الشديدين إزاء وعود السلطات التي لا تزال حبيسة الأدراج مجمعين على أن السبب الرئيسي في تدهور أوضاعهم من مختلف الجوانب هم المنتخبون المحليون الذين يحظون بأصوات هؤلاء المتضررين الذين يعلّقون آمالا كبيرة في الشخص الذي اختاروه ليحكمهم، ولكن لا حياة لمن تنادي، فمثلما تكون أوضاع البلدية عند انطلاق عهدة ''المير'' الجديد الذي اختاره السكان مثلما يجدها الذي يأتي من بعده لأن كل الوعود التي يسمعونها من طرف السابقين يعيدها عليهم اللاحقون، وما هشاشة بيوتهم إلا دليل على ذلك. "لارساف"، "المكسيك" و"لاسيلا" أحياء تغيب عنها التنمية فلم تقم إلى حد الآن أية عملية ترميم قد تريح سكان بعض الأحياء كحي ''لارماف'' وحي ''لاسيلا'' خاصة، والتي يعود تاريخ إنشائها إلى سنوات عديدة مضت، كما زاد ضيق السكنات عن حده، لاسيما وأن معظم العائلات التي تتكون من خمسة إلى سبعة أفراد تتخبط وسط غرفتين للنوم، بينما مظاهر البؤس والشقاء أو كما عبّر عنها السكان بلفظ " الميزيرية" تزيد من حدة مأساتهم في فصل الصيف، حيث يشهد حي ''لارماف'' تجمعات من الشباب خارج البيوت لغاية الساعة الثانية أو الثالثة صباحا بسبب الضيق من جهة، وارتفاع درجة الحرارة من جهة أخرى الوضع الذي يضطرهم في كثير من الأحيان إلى المبيت خارج منازلهم، نفس السيناريو يعيشه سكان مختلف الأحياء المجاورة، على غرارها حي ''المنظر الجميل'' أو ''المكسيك'' كما يسمونه، والذي يعتبر من أكبر الأحياء من حيث الكثافة السكانية، حيث تحول وبمرور السنوات من حي عادي إلى حي قصديري انتشرت حوله البيوت القصديرية كالفطريات ومن كل الجوانب، زيادة على ذلك الحالة الكارثية التي آلت اليها طرقات المنطقة، حيث عبّر لنا أحد القاطنين أن تلك المداخل التي يعرفها حي ''المنظر الجميل'' تعود إلى سنوات الاستعمار، غير أنه تأسف من حجم البنايات المتعالية بعدما قام السكان بمضاعفة الطوابق، متجاهلين الشكل العمراني للحي الذي أصبح مخنوقا حتى أن أشعة الشمس لا تكاد تصله، الأمر الذي أدى إلى انتشار الرطوبة والتي ساهمت بدورها في انتشار الأمراض المزمنة وسط الأبناء والمسنين . متى سنعيش الفرج؟ هو السؤال الذي طرحه علينا السكان الذي يقطنون بهذه الأحياء بسبب الأوضاع المزرية التي لطالما عاشوها ولا يزالون وهذا له بسبب تجاهل المنتخبون المحليون الذي يتعاقبون ويتعاقبون ولكن من دون أن يغيروا في الوضع شيئ، حتى ان الواقع المعيشي لهؤولاء يعتبر من اكبر الأدلة التي تعكس سياسة التماطل و الصمت التي تنتهجها السلطات المحلية ضدهم وضد مطالبهم المشروعة.