قال الروائي مجمد ساري أنه " على الدولة أن تدعم الكتاب لأننا في عالم البقاء فيه للأصلح، وهي مهمة الكتاب، "وتحدث المترجم بنبرة حادة يدعوا خلالها كل المؤسسات الثقافية والعلمية إلى ضرورة فتح الفضاءات والمنابر الثقافية وكذا فتح باب النقاش والنقد البناء من كل الباحثين والمثقفين لإثراء الجانب الفكري والثقافي للبلد وألقى ساري مهمة الدفع بعجلة المقروئية إلى الأمام على عاتق الوزارات سواء وزارة الثقافة، التربية، التعليم العالي، أو وزارة المجاهدين، داعيا في ذات السياق هذه الهيئات إلى ضرورة تخصيص ميزانية لدعم الكتاب " يجب أن نجعل من هذه السنة سنة للكتاب لكي نستطيع أن نتكلم عن الثروة الثقافية والهوية الوطنية الجزائرية " وتساءل الدكتور في حديثه ل"الجزائرالجديدة" عن اهتمام الدول الغربية بعالم الكتاب وافتتاحها كل سنة للدخول الأدبي بإصدار مئات الكتب مستغربا عدم حدوث ذلك في الجزائر فيقول " نحن مطالبون بأن نعطي الثروة الفكرية حقها وذلك لن يتأتى إلا إذا أبدينا رأينا فيما نراه أصلح ليكون رأيا بناءا وسديدا شريطة ألا يكون هذا الرأي مثيرا للفتن ومسيئا لبلدنا الجزائر". ونوه الدكتور محمد ساري بأهمية المعرض الدولي للكتاب الذي سوف تنطلق فعالياته في العشرين من هذا الشهر خاصة وأنه سوف يعرف مشاركة فعالة سواء من دور النشر الوطنية، العربية والغربية أو في إصدار العديد من المؤلفات الجديدة التي اختارت أن يكون المعرض بوابة تقريبها للقارئ وأعطى مثلا بروايته الجديدة "القلاع المتآكلة" التي سوف تعرض أول مرة بجناح دار البرزخ بالمعرض الدولي وركز ساري في حديثه عن جنس الرواية الذي يعرف تطورا كبيرا في الجزائر داعيا في ذات السياق إلى ضرورة أن تكون الرواية مرآة عاكسة للمجتمع إذا أُريد لها أن تستمر وتبقى كفن أدبي رائد ومقروء، ويرى صاحب رواية " الورم" أنه على الجنس الروائي أن يحاكي الواقع بكل تجلياته، وأن يكون لسانه الناطق لأن دور الرواية حسبه يكمن في حكي الواقع وتحليل المجتمع بكل أبعاده ،وألَّا تخفي شيئا وبخصوص الكتابة الروائية في الجزائر فقد تحدث المترجم عن ذلك بكل تفاؤل مؤكدا على ضرورة الجمع بين المجتمع وبين الذات المبدعة، وأن تشرح الواقع وتظهر كل سلبياته وإيجابياته وتبرز ما يدور بداخله ،وبالموازاة مع ذلك ركز ساري على ضرورة محاكاة هموم الفرد داخل ذلك المجتمع، والغوص في علاقاته الاجتماعية، وموقعه في كل ذلك وتبيان الصراعات والتناحرات بين الأفراد ودعا محدثنا إلى جانب ذلك لضرورة اهتمام المتن الروائي بالجانب النفسي للفرد والغوص في مكنوناته الداخلية وسبر أغواره النفسية سواء ما تعلق بالجانب العاطفي أو كيفية تفكيره ورؤاه لأن الأدب يقول الباحث " هو مرآة عاكسة للمجتمع المعبر عنه " وأعطى صاحب رواية " القلاع المتآكلة" مثلا عن الروائي الفرنسي " ماركيز " والذي رغم أنه من متزعمي الرواية الجديدة التي تجنح إلى الخيال إلا أنه شرح المجتمع الفرنسي وتحدث عن الأزمات النفسية للفرد، وقدم للقارئ الفرنسي خصوصا والعالمي بشكل عام صورة عن شخصياته الروائية وعلاقاتها وصراعاتها فيما بينها وبين مجتمعها ،واستطاع تبيان هواجسها والغوص في أدق دقائقها من تفكير ومشاعر وأحاسيس باطنية ومكنونات نفسية وأضاف صاحب رواية " الغيث " مثالا آخر عن الكاتب الأمريكي " بروست " الذي يعد هو الآخر من متزعمي المدرسة الجديدة للرواية لكنه رغم كل ذلك فقد استطاع أن يشرِّح المجتمع الأميركي وتركيبته وصراعاته وكذا طريقة تفكير إفراده وكل ما يتصل بالمجتمع وعلاقته بالفرد والنفاد في تشريح الصراعات الناتجة عن هذه الثنائية، ويؤكد ساري أنه مادامت الرواية الجزائرية تتحدث عن المجتمع الجزائري وتحاكي الواقع وتغوص في الصراعات السياسية والثقافية والاجتماعية ومادام الروائيون الجزائريون يكتبون عن واقعهم المعاش، وعن النظام بدون خوف، ويكسرون الطابوهات فإنه يمكن الاستبشار خيرا في هذا الجنس الأدبي في بلادنا وخاصة مع ظهور روائيين جدد استطاعوا أن يبرزوا بأعمال جيدة وأن يحصلوا على جوائز وتكريمات على المستوى العربي والعالمي ويضيف ساري " أنا متفائل بالرواية خيرا، ومتأكد أنها ستصبح في المستقبل القريب تزاحم أرقى الروايات العربية والعالمية على حد سواء". صباح شنيب