انتهى الروائي محمد ساري من كتابة روايته الجديدة "القلاع المتآكلة" وهي رواية سياسية يتعرض فيها المؤلف إلى مرحلة التسعينات والعشرية السوداء بكثير من التفصيل والتحليل، ويبين من خلالها المأساة التي عاشتها الجزائر في تلك الفترة وتقريب القارئ إلى ما حدث خلالها بتعرض الرواية إلى أمور كثيرة مخفية وبقيت طي الكتمان، ويكشف المترجم كل أشكال التمرد والاقتتال والعنف الذي عرفته تلك الفترة، حيث يغوص في تفاصيل كثيرة ومواضيع شائكة تخص المجتمع الجزائري بشكل عام والسلطة بشكل خاص وعلاقاتها مع الحركات الإسلامية، كما تعرّضت لمشكل الصراع بين الإسلام والماركسية وتبيان الأفكار المحافظة والمتحررة والصراع الذي نتج عن ذلك، والتيارات السياسية في تلك الفترة، يقدم خلالها صاحب الرواية "الورم" تشريحا دقيقا للمجتمع الجزائري ومرحلته تلك، ولا تعتبر رواية "القلاع المتآكلة" رؤية نقدية لتلك الحقبة الزمنية فقط بل تتعداها إلى فترات سابقة، وهي مقارنة فكرية بين الأجيال كجيل الاستقلال وجيل العشرية السوداء ومحاولة الروائي المقارنة بين هاذين الجيلين والصراع الذي بينهما والتناحر الذي سببته إيديولوجيات كثيرة تمخضت عن فترة الجهل والأمية التي نتجت عن فترة الاستعمار وعصر التحرر والانفتاح والطفرة التي بينهما، مما أنتج هذه الاختلالات المتمخضة عنها المأساة خلال العشرية السوداء والتي طبعت بها الرواية وأخذت سماتها ممثلة في قصة الرواية التي تحكي مأساة الأب الذي يشغل منصب مدير ثانوية والذي يجد ابنه الذي يدرس في الثانوية ميتا في الساحة، ويلتبس عليه الأمر فيما إذا كان ابنه قد قتل أو أنه انتحر بمحض إرادته، وتبدأ تلك التساؤلات التي تفضي إلى تساؤلات أكبر لقضايا أقل ما يقال عنها أنها قضايا شائكة تختلط بالتاريخ والسياسة والتجارة والإديولوجيات والدين والتناحرات الموجودة بين التيارات التي تولدت من كل ذلك، والرواية تجيب عن كل تلك التساؤلات المترتبة عن تلك الفترة والاقتتال والتمرد والعنف والدوافع الحقيقية التي يراها محمد ساري من كل ذلك. وقد أسند صاحب رواية "الغيث" مهمة الحكي في الرواية إلى شخصية المحامي في إرادة منه إعطاء الرواية بعض من الحرية في التعامل مع القضايا خاصة أنها تطرح قضايا العدالة والعلاقات بين القانون والسلطة ومؤسسات الدولة، وقضية الإرهاب والحركات الإسلامية. وللإشارة فإن الرواية تصدر عن دار البرزخ للنشر والتوزيع في فصل الخريف المقبل، وتحوي ما يربو عن الثلاث مائة صفحة. صباح شنيب