مسرحية "إمرأة من ورق" إنتاج مشترك ببن المسرح الجهوي لعنابة، و المسرح الوطني محي الدين بشطارزي ، هي سادس عرض يدخل غمار منافسة المسرح المحترف، اقتبسها مراد سنوسي عن رواية "أنثى السراب" لروائي واسيني لعرج، و جسدتها روكحيا الفنانة صونيا، و أدى أدوارها كل من الممثلة ليديا لعريني، ورجاء هواري . و قد نجحت إلى حد ما الرؤية الإخراجية التي اختارتها الفنانة صونيا في استحضار العديد من عمالقة الفن و الثقافة من أبناء الجزائر على غرار" إسياخم" الذي ترك بصمته في الفن التشكيلي، و صاحب رائعة نجمة كاتب ياسين، و مصطفى كاتب، و عبد القادر علولة الذي كان من ضحايا الظروف المأسوية التي عاشتها الجزائر، و ذلك من خلال أحداث دارت بين امرأتين، إحداهما زوجة لكاتب مشهور، أما الثانية فهي عشيقته التى لا تظهر إلا في كتابته و التي سمتها زوجته بإسم " مريم "، حتى يذكرها بصديقتها التي كبرت معها. بدأ الصراع بين المرأتين عندما أصيب الكاتب بغيبوبة دخل على إثرها المستشفى، و وصل لعقدته حينما بدأت الزوجة تذكر العشيقة أنها هي صاحبة الفضل عليها، و أنها هي من سمتها مريم و ما هي إلا مجرد حبر على ورق، من جانبها مريم ترد على الزوجة بدلائل ملموسة بتواريخ و أمكنة و رغم ذلك لم تصدقها الزوجة إلى أن فاقا الكاتب من غيبوبته و أول اسم ينطق به هو "مريم" لتكتشف الزوجة حينها أن مريم هي امرأة حقيقية من جسد وروح كان يقابلها في كل بلد يذهب إليه. و مميز العرض هي السينوغرافيا التي نجح في تصميمها و بكل جدارة يحي بن عمار، أين استطاع و بفضل شاشات دمجها خلال العرض مرر من خلالها صور الفنانين الذين ذكروا في العرض ككاتب ياسين، و مصطفي كاتب، و عبد القادر علولة، و الذي استعينا أيضا بمقطع من جنازته، و ما زاد في روح العرض هي الألوان التي استعملها يحي بن عمار التي أضافت جمالية ذات جودة مميزة، أما الديكور فقد كان شبه ثابت فنجد طيلة عرض كرسي متحرك استعانة به الزوجة من حين لأخر، و أوراق مشتتة على خشبة المسرح ، و جدار به باب يفصل بين اثنتين، و نجد في الأعلى أوراق متدلية دلالتا إلى أن حياة المرأة أصبحت فضاء من ورق. و استطاعت الموسيقى أن تكون أداة تعبيرية جميلة ساهمت كثيرا في استدراج ذهن الجمهور أولا، و من ثم عاطفته و ذلك باعتماد على موسيقى اختارها صالح سامعي ترتبط ارتباطا و وثيقا بالوعي و الإحساس، كما أن استخدام النشيد الوطني حقق الهدف منه الذي يستعطف إحساس الجمهور و ترسيخ أفكار العرض ، كما استطاعت كل من ليديا لعريني و رجاء هواري التي لأول مرة تصعد خشبة المسرح و التي جسدت دور العشيقة أن يتحملا مسؤولية تقديم العرض الذي اعتمد على أداءهم. و ما يمكن قوله في الأخير أن عرض مسرحية "امرأة من ورق" كان عرض موفقا إلى حد ما بداية من النص و الدلالات التي يحملها إلى أداء الممثلين، إلى الجماليات الموظفة فيه بالإضافة إلى الرسالة التي أرد تمريرها. نسرين أحمد زواوي