أمير طفل في سنّه الثالثة ، لكن كل من يحمله بين يديه يرى فيه عمرا لا يزيد عن السنة و النصف ، كيف لا ؟! و هو الذي يحوز في هذا السن المبكر على ملف طبي ثقيل بأوراق التحاليل و الوصفات و الكشوفات الطبية ، فكانت بدايته مع المرض بحرمانه من حليب أمّه و تعويضه بحبوب مرضى الصرع بالخطأ ، بعد أسبوع فقط من ولادته ، لينتهي به المطاف بحمله لفيروس الإلتهاب الكبدي ، الذي يعدٌ من أخطر الأمراض النادرة التي لا يتحملها حتى الكبار ، فكيف لجسد طفل صغير أن يحمل مضاره ؟ و كيف لعائلته المعوزة أن تحمل مشاقه ؟ مريم والي كانت ولادة الطفل "مهني أمير" جد عادية بمستشفى حسان بادي بلفور بالعاصمة ، و ذلك بتاريخ 4 جانفي 2010 ، لكن الطبيبة التي أشرفت على ولادته أكدت أن الطفل يعاني من نوبات الصرع ، و يتوجب عزله عن أمه ووضعه في الحاضنة ، و بهذا أخذ من حضن والدته و حرم من حليبها، و عوض بحليب الأطفال المعلّب الذي كان يعطى له و فيه حبوب داء الصرع ، التي كانت عائلته تقوم بهرسها ووضعها في حليبه بطلب من الطبيبة ، منذ أول أسبوع من ولادته ، غير أن عائلة أمير لاحظت أن طفلها يبدو عاديا و لم تبدو عليه أبدا أعراض المصابين بداء الصرع ، كما لاحظت توقف نمّوه في شهره السادس ، و لهذا اصطحبته إلى مصلحة طب الأطفال ب بلفور و هناك بقي يخضع للتحاليل دون أن يتناول أي دواء ، إلى أن تعرّض الطفل لحمّى و ارتفاع درجة حرارته ، و استدعت حالته الصحية نقله إلى طبيب خاص ، كشف بدوره على الطفل و أكدّ أن أمير يعاني من مشكل صحي على مستوى الكبد ، و بهذا نقل على جناح السرعة إلى مستشفى مصطفى باشا الجامعي بالعاصمة من أجل إخضاعه للعلاج ، و هناك أكد الطبيب المعالج أن حالة الطفل جد خطرة ، تهدده بالموت ، و أنه يعاني من مرض نادر و قاتل تقدم بالصغير ، و هو " التهاب الكبد الفيروسي " ، كما استغرب تناول أمير لأدوية مرضى الصرع ، رغم أنه غير مصاب بهذا الداء ، فيما أكدت عائلته أن تناوله لها كان بناء على وصفة طبية من الطبيبة التي أشرفت عليه ، و التي أوقفته عن تناولها بالتدريج ، و في كشفها عن الصغير أوضحت أنه يعاني أيضا من انتفاخ بسيط على مستوى الكبد لا غير ، و بعد مواجهتها فيما بعد بأن الطفل يعاني من إلتهاب فيروس الكبد القاتل ، قد يكون ناجما من أدوية الصرع التي ناولته إياها حسب أعراضها و مضاعفاتها الصحية ، نفت الطبيبة الأمر و رفضت الإعتراف بالخطأ ، و أكدت أن ما يعانيه الصغير فيروس مكتسب من المحيط العائلي أو الصحي ، و لا دخل لما وصفته له من أدوية في ذلك . كل هذا اليوم ، جعل من " أمير مهني " يعيش وضعا صحيا متدهورا ، فقد توقف جسده عن النمو و تأخر ، حتى أنه لا يمشي و لا يتحدث كباقي أقرانه ، كما أن عائلته لم يرتح لها بال منذ ولادته إلى يومنا هذا ، فرغم الإمكانيات البسيطة و قلة دخلها، لم تترك بابا إلا و طرقته من أجل إنقاذ طفلها الذي تراه يضيع يوما بعد الآخر من بين يديها، و لكثرة ما عاشه والدا الطفل من مشاق ، فهما يؤجلان موضوع الإنجاب إلى وقت غير معلوم ، خشية إنجاب طفل آخر يتجرّعان معه مرارة الألم مرة أخرى ، خصوصا و أن الوالد عاطل عن العمل ، يمارس مهنة الكلوندستان غير منضبطة الدخل كما يعلم الجميع . كل هذه الظروف المزرية التي يعيشها الطفل و عائلته ، كان للإهمال الطبي نصيب و يد فيها ، و فيما تشهد حالة أمير الصحية تدهورا يوما بعد الآخر ، تتأخر مصالحنا الإستشفائية في علاجه ، إذ تستنكر جدّة الطفل أمير ما يحدث له في مستشفياتنا التي تتهاون مع صحة مرضاها ، و لا تراعي حتى الظروف الصحية لطفل صغير ، و تقول أن حفيدها كان من المقرر أن يخضع خلال العشرة الأيام الماضية لعملية جراحية على مستوى القلب بمستشفى بواسماعيل بالعاصمة ، من أجل انتزاع شريان زائد بقلبه ، غير أن العملية تمّ تأجيلها ، كما أن عائلته كانت تتوجه في كل مرة إلى مستشفى مصطفى باشا من أجل تسلم كشف ينتظر قدومه من فرنسا، بعد البعث بعينة من كبد أمير منذ أزيد من شهر و نصف ، غير أنها لم تتسلمه إلى يومنا هذا ، و استغربت في السياق ذاته كل هذا التماطل من مصالحنا الإستشفائية . تجدر الإشارة إلى أن التهاب الكبد الفيروسي (بالإنجليزية: viral Hepatitis) هو أحد الأمراض المعدية التي تسببها الفيروسات وتسبب الضرر لخلايا الكبد، قد يكون الضرر الناتج مؤقتاً وقد يكون دائماً. و يتميز التهاب الكبد الفيروسي بوجود خلايا الالتهاب داخل أنسجة الكبد ، كما أن الالتهاب الكبدي الفيروسي يصيب الجسم باليرقان jaundice (صفرة الجلد) ولاسيما لدى الأطفال. و هناك خمسة أنواع من الالتهاب الكبدي هم(أ، ب، ج، د، ه) كما توجد أنواع أخرى غير مصنفة أو غير واضحة الارتباط بالمرض مثل فيروس التهاب الكبد G، والسبب الشائع في موت المرضى بالفيروسات الكبدية الفشل الكبدي الحاد مما يؤدي للغيبوبة والموت. و لأن الطفل أمير يتربص به مرض قاتل نادر الوجود ، و لا يعنى أصحابه بالعناية الكافية في بلادنا الجزائر ، فإن عائلته تناشد و بإلحاح و تضع كامل أملها في وزارة الصحة و إصلاح المستشفيات ، و تطالبها بضرورة التكفل بعلاج طفها في الخارج ، من أجل إنقاذ طفل صغير من مرض خطير افتك بجسده الصغير .