يأخذنا الدكتور علي خلاصي عبر صفحات مؤلفه الجديد الصادر عن منشورات الحضارة بعنوان " جيجل تاريخ وحضارة" في رحلة تقودنا إلى أعماق تاريخ مدينة جيجل، المدفون في أديم أرضها لاكتشاف تاريخها الزاخر ورصيدها التراثي والثوري المجيد وطبيعتها الخلابة وثرواتها المتنوعة وفنونها وتقاليدها الشعبية المختلفة الأصيلة التي تؤهلها لان تلعب اكبر الأدوار في المجالات الثقافية والاقتصادية والسياحية تعتبر مدينة جيجل الأثري حسب ما ورد في هذا البحث التاريخي والايكولوجي الذي توغل فيه خلاصي من بين المدن التي استقر بها الإنسان منذ عصور ما قبل التاريخ فقد أظهرت الأدوات التي تركها الإنسان القديم الذي استوطن المنطقة عمق وتجدر سكان هذا الإقليم السياحي الذي سحر السياح الأجنبي والمحلي، وجعل المستعمرات تتكالب عليها منذ أمد بعيد. واستنادا إلى بعض المصادر التاريخية التي اعتمدها الدكتور خلاصي في خطي عمله الثقافي هذا أن مدينة جيجل التاريخية عرفت عدة أسماء قديما بعضها أصلي والبعض الأخر محرف عنه فكتبت على الخرائط الاسبانية والفرنسية وفي كتابات الرحالة والمؤرخين بالصور التالية : " إقليقيلي " و" إجلييجيلي" و" جيجليو"... و أخيرا جيجل الإسلامية وتابع خلاصي حديثه بان جيجل ليس اسما لمدينة فقط ، بل هو وطن اجتماعي وفكري متميز بلهجته وعاداته وتقاليده وهو موقع حفظ التاريخ فحفظه التاريخ فكانت همزة وصل بين الشرق والغرب ومحطة كل عابر،كما تطرق خلاصي إلى الخصائص الجغرافية لمدينة جيجل انطلاقا من موقعها الفلكي. قسم الدكتور خلاصي بحثه هذا إلى ستة فصول تناول في الفصل الأول منه وبإسهاب ممل تاريخ المدينة التي تقع بمنطقة تعد من أقدم المناطق الأثرية بالشرق الجزائري، في الفصل عصور ما قبل التاريخ مستشهدا بالحفريات التي تم اكتشافها بالمنطقة والتي يعود تاريخها إلى ما يزيد عن مليون وثمانمائة ألف سنة، منها موقع " تازا"،" أصناف المدافن الحجرية " ، " انتشار قبور الدولمن" ،" الجذور التاريخية لقبور الدولمن"، والحفريات مازالت مستمرة في أعماق الأرض، كما عرج الباحث في الفصل الثاني إلى العصور القديمة لهذه المدينة مرورا بالعصر الفينيقي، وصولا إلى العصور الكلاسيكية – الماصيل، المستصيل، نوميديا، وموريطانيا، كما أفرد جزءا من هذا الكتاب للحديث عن الزراعة في العهد الروماني إبان احتلاله لجيجل، وكذا الثورات المحلية التي تصدت للحكم الروماني، مذكرا بأسماء القبائل المحيطة بمدينة جيجل، مشيرا في الوقت ذاته إلى الفترات الوندالية والبيزنطية التي مرت عليها جيجل الحضارية، أما في الفصل الثالث فقد تطرق فيه خلاصي إلى مرحلة الفتح الإسلامي إلى عصر الولاة، وإلى التنظيمات السياسية والدويلات التي حكمت المنطقة، بينما حاول في الفصل الرابع إعطاء نبذة عن تاريخ الحديث لهذه المدينة، منها على سبيل المثال الحكم العثماني، الحملات الفرنسية، وأمور أخرى تكشف عمق المجتمع الجيجلي، في حين تحدث في الفصل الخامس إلى جيجل المعاصرة وتاريخ الفرنسي، ولم يأب خلاصي ختم تاريخ جيجل دون التطرق إلى تاريخ الحركة الوطنية وثرة التحرير المظفرة والمقاومات الباسلة التي واجه بها أبناء المنطقة جنرالات فرنسا الاستعمارية. نسرين أحمد زواوي