حذر عدد من الخبراء والأكاديميين في مجال الإعلام والاتصال، أمس، بوهران، من هيمنة السلطة المالية في وسائل الإعلام السمعي البصري ودعا هؤلاء إلى سن قانون يحدّد أحكام العمل في حقل السمعي البصري وشروط فتح القنوات الفضائية والإذاعات على الراغبين في ولوج المجال من أصحاب المال، بحيث لا يمكنها أن تعود بالضرر على سيادة الوطن وكرامة الشعب ووحدة الأمة وجعلها أداة للتأثير على الرأي العام والضغط على مراكز اتخاذ القرارات. ودعا الإعلامي الجامعي الجيلالي عباسة خلال اللقاء المنظم من قبل قسم علوم الإعلام والاتصال بمناسبة اليوم العالمي لحرية الصحافة إلى استخلاص العبر من بعض التجارب العربية التي أدى الانفلات الإعلامي السمعي البصري داخلها إلى تغذية النزاعات وإحداث التفرقة مؤكدا على ضرورة الاعتماد على آليات ممنهجة ومنظمة في فتح هذا المجال الحساس بالجزائر تجنبا للمخاطر المحدقة من تدفق المعلومات،و يتعين لنجاح المشروع يضيف عباسة في تدخله، التحام مجموعة من العوامل وتجنّب عوامل أخرى من شأنها أن تحيده عن مساره الصحيح في ترسيخ الحرية والديمقراطية والقيم الروحية والأخلاقية للشعب الجزائري، وحماية الهوية والوحدة الوطنيتين وتدعيم التنوع الثقافي واللغوي الذي يميز المجتمع الجزائري، وتعميق الانتماء الوطني للشباب وإتاحة المزيد من الفرص أمامه لمناقشة قضايا وهموم وطنه، فبين الحاجة لهذا القطاع المحوري في مسار التنمية التي تضطلع بها الدولة، ومتطلبات المواطن وتمكينه من منابر إعلامية حرة ومستقلة، تلبي رغباته في مجالات الاتصال والإعلام والأخبار والتربية وكذا التسلية، وأردف يؤكد، على أنّ هذا الإعلام يشترط الاستقلالية اللّازمة في التصرف المالي والبشري والهيكلي وأن نخرج من النمطية، لأنّ العمل الإعلامي هو عمل إبداعي لا يحتمل أن يكون منظما كأي خدمة عمومية أخرى، من الممكن الوقوع في مشاكل، بحيث هناك تجارب عربية بهذا الخصوص تسببت في الفوضى، إذ فتحت القطاع على الخواص دون أن تضع ضوابط وقوانين تحدّدها. وأبرز من جهته عبد العزيز بن طرمول أستاذ في العلوم السياسية بجامعة وهران في مداخلة ضمن ندوة بجامعة وهران حول موضوع "القطاع السمعي البصري بالجزائر: واقع وآفاق" أهمية الاعتماد على اليقظة الإعلامية كآلية لضبط إطار فتح المجال السمعي البصري حتى تتم العملية بانسجام وتوافق مع المقومات الوطنية والثقافية والاجتماعية للبلاد داعيا إلى رفع مستوى النقاش لمكونات المجموعة الوطنية، بدلا ان يكون الأخصائيون وحدهم من يقرر شكل هذا الإعلام حتى يتسنى بلورة نموذج معين للسمعي البصري يتوافق وتطلعات وطموحات الجزائريين و يكتب له النجاح وليس التنظير على مستوى بعض الأخصائيين في مكاتب مغلقة. وكان وزير الاتصال قد أكد أن قانون السمعي البصري سيرى النور خلال السداسي الأول من السنة المقبلة، بعد أن يقدم للحكومة والبرلمان للمصادقة عليه، وأضاف أن عدة مشاريع قوانين ذات الصلة تسهر الوزارة على إعدادها، مشيرا إلى أن الانفتاح على قطاع السمعي البصري الخاص كخدمة عمومية محكوم بالتدرج في التنفيذ وفق معايير مهنية وأخلاقية محددة، تشجع على بروز إعلام رفيع المستوى يؤمن ممارسوه بأن للحرية سقفا اسمه المسؤولية. كريم.ل