تحضر الأديبة والفنانة التشكيلية حفيظة ميمي إلى فعاليات المهرجان الوطني لإبداعات المرأة في نسخته الرابعة بقوة ، طبعة كرست و خصصت للفخار، الخزف ، الفسيفساء والنحت، و أخذت شعارا لها " أرضي ...حرية إبداعي " ،لقد جمعت ميمي بين الكتابة التي هي رسم بالحروف والكلمات و التشكيل الذي هو كتابة أخرى وصيغة جمالية بالمواد والرسم الذي هو كتابة مباينة ومفارقة بالأشكال والألوان ،وإذا ما علمنا أنها أيضا صوت إذاعي لطالما دغدغ الأذان وشنف الأسماع عبر الأمواج الأثيرية الأوراسية يتضح لنا أن بنت الأوراس هاته متعددة الاهتمامات والمواهب وهي مع ذلك بسيطة إلى درجة الخجل . ميمي والحمار الذي يحمل أسفارا قدمت حفيظة ميمي إلى مهرجان إبداعات المرأة لهذه السنة بثلاثة أعمال عرضت في رواق النحت والفسيفساء التي احتضنها " قصر 23 " بقصر رؤساء البحر ، في فن التشكيل بعمل وسمته ب" الإفريقيتان " المرأة وابنتها صيغتا بمواد حملت اللون الأسود دلالة على الانتماء والبعد الإفريقي ، امرأتان تحملان أعباء فوق رأسيهما دلالة على المعاناة اليومية ،وقالت ميمي بأنه لابد أن لا ننسى أن للجزائر بعدا إفريقيا لا يجب أن يهمل ويترك، أما العمل الثاني فحمل عنوان " الأمومة " ، امرأة تحمل وليدها ،صيغت هذه المنحوته بمواد جلدية باللونين الأبيض والأسود على دعائم هيكل حديدي ،الوليد صيغ بالأبيض دلالة على البراءة ،ولم تنس ميمي أن تزين المرأة المنحوته بالرموز الأمازيغية رمز المرأة الشاوية وهي تضع " المشرف " المصاغ من الفضة والفضة شريفة من حيث هي. لم تأت ميمي من مدينتها التاريخية العريقة وحيدة بل جلبت معها تحفة جميلة " حمارها الذي يحمل أسفار" ،لقد أثار هذا الأخير فضول جموع الزائرين صغارا وكبارا ولم يخل المنظر من التعليقات المعلنة والمستثرة ، فهو حمار يحمل أسفارا (كتبا ) وأقلاما صنعت من القصب وجلد كتابة ،ومن التعليقات التي نبست بها شفتا طفلة زارت المعرض " الحمار يريد أن يتعلم حتى لا يقال عنه أنه حمار " ، لكن موضوع التحفة المعروضة أبعد مدى، وأكثر دلالة ،ولوجوده وتواجده في هذا المهرجان بالذات،قراءات دلالات كثيرة ،يكفيه فخرا انه يحتفل بإبداعات نصف سماء الدنيا مثلما كنت وزيرة الثقافة عن المرأة ، خلال افتتاحها الطبعة الرابعة من المهرجان الوطني لإبداعات حواء . تقول حفيظة عن حمارها أنها استلهمت العمل من آية قرآنية " مثل الذين حملوا التوراة ثم لم يحملوها كمثل الحمار يحمل أسفارا.." فالحمار يحمل كتبا في قفته اليمنى وأقلاما صيغت من القصب في ا لقفة الموازية ،وقد صاغته من الحلفاء والسعف و" الخشة "،وقد اختارت ميمي لظهر الحمار وآثرته ببردعة هي في الأصل قطعة تراثية تعود لجدتها رحمها الله حيكت بالنسيج الصوفي " المرقوم أو القفصي " عليها نقوش ورموز توجد في الغالب في الزرابي والاواني الفخارية وكل تحف المنطقة ،ولم ترد ميمي الخوض في القراءات المحتملة لعملها الفني التشكيلي الإبداعي بل تركت العناية بذلك لجمهور الوافدين زرافات ووحدانا ، وكل ما أرادت فعله مثلما قالت هو " أحببت من خلال هذا العمل أن أعمل شيئا أن أقدم عملا يعبر عن منطقتي ومدينتي وقريتي ، لكن الموضوع شامل من حيث دلالاته ولم تشأ الخوض في الاعتبارات الفقهية والفكرية ، فلديه معاني كثيرة ونستطيع قول الكثير ، واللبيب بالإشارة يفهم . ميمي في محاضرة حول المرأة الاوراسية "مسيرة امرأة مع الفن في منطقة الأوارس انطلاقا من الفنون التقليدية إلى الفن التشكيلي " تشارك الكاتبة المبدعة حفيظة ميمي في الشق الفكري للتظاهرة النسوية السنوية حول إبداعات المرأة التي خصصت للفخار،الخزف ، الفسيفساء، والنحت بمحاضرة حملت عنوان "مسيرة امرأة مع الفن في منطقة الأوارس انطلاقا من الفنون التقليدية إلى الفن التشكيلي " التي قالت بشأنها " أتحدث في المداخلة عن عدد من الفنون التقليدية كصناعة الفخار وحياكة الزرابي ابتداء من تحضير الصوف وتلوينه وصناعة الأدوات الضرورية للعملية ، وكيف تصنع الدمى لبناتها وتزوق اللوحة لأبنائها الذين يحفظون القرآن ، كيف كانت المرأة الاوراسية تنجز عديد الأعمال هاته بصبر وجلد وحب ،وصولا إلى الجيل الجديد من البنات اللواتي التحقن بمدرسة الفنون الجميلة في1987 بباتنة وكيف أن البنات لسنوات تصدرن الطليعة في الدفعات المتوالية للتخرج . اختارت ميمي والدتها الراحلة كنموذج حي ومتن لمحاضرتها بالإضافة إلى النساء الأخريات ،لان المرأة الأوراسية لديها تاريخ كبير وحافل ، ولأنها أيضا وريثة المنطقة وابنتها بامتياز ،تقول ميمي عن تجربتها مع والدتها " كنت أشاهد والدتي عن كتب وهي تصنع التحف تنسج وتحضر الأصباغ والألوان وكيف تصنع بنفسها بكلتي بيديها الأدوات اللازمة لذلك ، كانت تصنع الفرشات بشتى أنواعها وأحجامها بدرجات متفاوته بشعرة أو شعرتين وغير ذلك حسب الخط الذي تريد رسمه على ، وقد أثرت تلك المشاهدات في وجعلت مني أحذو حذوها في فنوني التشكيلية" ، وتضيف ميمي ذاكرة حادثة انتقال والديها في نفس الفترة والمرحلة النفسية الحادة والصعبة والقاسية التي مرت بها ، فتقول " صعب جدا أن تفقد الوالدين معا ، وما أخرجني من محنتي سوى الفن والأدب ، الكتابة والتشكيل ، وقد كان الكثير يتوقع أن تكون أعمالي سوداء ظلامية تعكس المرحلة القاسية ، إلا أن العكس الذي حدث ، فقد كانت كل الأعمال تتسم وتحمل ألوان كثيرة وردية زاهية ، وقد ردت تحليلات العارفين بخبايا الفن ممن عرفتهم إلى أن الالوان الزاهية لم تكن سوى ألوان أعمال وإبداعات الوالدة رحمها الله التي بقيت راسخة رسوخ الفن المتأصل في وجاني وأعماقي، ألوان الزرابي و" الحنبل " وجل نتاجاتها بنفس الألوان ونفس القوة واللمعان ؟، وكان ذلك هو المنعرج في حياتي الفنية الإبداعية ومن تم الإنسانية " وتضيف ميمي " وأتحدث في المحاضرة عن التأثر الذي يبدو واضحا في أعمال جميع الفنانين والفنانات بالأزياء والفنون التقليدية والرموز والإشارات الأمازيغية الأوراسية ،وذلك لأنه لا تخلو دار في المنطقة من وجود " المنسج " الذي هو أحد ديكورات البيت ،وحتي في أعمالي الفنية التشكيلية يجد المتتبع رموز وإشارات المنطقة وحلي المرأة الأوراسية وأشياء كثيرة وثيقة الصلة بالمحيط لدرجة لا يتصورها أحد ، ونماذج تعود لوالدتي رحمها الله وللنساء الأوراسيات . حفيظة ميمي الأديبة بالنسبة لي الأدب والفن كلاهما في خدمة الأخر لم تزل ميمي منذ اليفاع متعددة المواهب والأذواق والاهتمامات فهي شاعرة، كاتبة للقصة القصيرة بامتياز،مبدعة دراما فنية ،رسامة ونحاتة وفنانة تشكيلية ولها اهتمام بالخط العربي وبالمنمنمات ، وهي قبل هذا وكاريكاتورية " الكلمات عندها ترسم والرسوم نصوص ، في كتبها التي نشرت لها تكتب نصوصها وتصيغ رسومها بنفسها وهذه خصيصة متعددي المواهب . تقول ميمي عن رحلتها الأدبية التي بدأت منذ زمن " بالنسبة لي الأدب يخدم الفن والفن يخدم الأدب " وهي كثيرة الاعتزاز بتكريمها من قبل رئيس الجمهورية في أطار نساء متميزات في عام 2008 ، وجائزة " فوروم ناس البحر المتوسط في 2003 " ،ولا تخفي اعتزازها بجائزة عبد الحميد بن هدوقة في برج بوعريريج حول القصة القصيرة،وحصولها على الجائزة الأولى ، كما أنها تعتز بجائزتها الأولى " جائزة محمد ديب في تلمسان عن مجموعتها القصصية " وقالت ميمي بان الدار الكبيرة بتلمسان قد وعدت أن تطبعها وتترجمها ، تضم المجموعة القصصية 10 قصص عنوانها " حكايا أوراسية أكثر مما ما يجب " قصص تتحدث عن المرأة الأوراسية من عدة جوانب منذ الفتاة الصغيرة حتى المرأة الكبيرة ، تتناول قصص حب وأخرى متنوعة . لقد صدر لميمي مجموعة قصصية أولى بعنوان " ممنوع قطف الأطفال " عن منشورات الأوراس ضمن تظاهرة الجزائر عاصمة للثقافة العربية ، تحدثت القاصة في كتابها عن معاناة الطفل سواء في الحروب أو الأزمات أو حوادث المرور. وهناك مجموعتها القصصية الأخرى التي نالت بها جائزة محمد ديب تناولت فيها المرأة . عدة خليل