يحتاج المسلمون في حياتهم اليومية و في أغلب تصرّفاتهم وشؤونهم الدينية والدنيوية، إلى توجيهات الشرع الحنيف التي يبيّنها لهم الفقيه المتمكن والمتخصص في علوم الشريعة ، والخبير بأحوال الناس والمجتمع، غير أن الأمر قد يتحول إلى خطر كبير على الفتوى ، إذا ما أضحت في يد غير المختصين فيها . محمد بن حاحة تعمد الجزائر إلى تكوين عدد معتبر من الأئمة والمفتين بالجامعات والمعاهد المتخصصة ، ليحملوا على عاتقهم مسؤولية إرشاد الناس و الإجابة على كافة انشغالاتهم الشرعية و الدنيوية، حتى ينقلوا لهم الأحكام المستنبطة من مصادر التشريع واجتهادات العلماء في تلك المسائل،إذ لا غنى للناس عن توضيحات المفتي، سواء في عباداتهم أو معاملاتهم، غير أنه في الكثير من الأحيان تتناقل ألسنة العوام بعض الفتاوى التي قد يكونوا استوعبوها على خلاف قصدها ، أو تكون خاطئة من أصلها ، وهذا ما يشوّش على عقول الناس ، و يعسّر عليهم أمور دينهم ، وينغص عليهم دنياهم . من أجل معرفة علاقة المواطن الجزائري بالفتوى ، و هل هي تصدر عن أهل الاختصاص ؟ ومن جهة أخرى ، هل هي دائمة الصحة ؟ استفسرت " الجزائر الجديدة " بعض المواطنين عن رأيهم حول الموضوع ؟ وعن مدى تعلّقهم بفتاوى الأئمة والمفتين الذين يظهرون على وسائل الإعلام ؟ تكثر حاجة الجزائريين للفتوى في شهر رمضان ، خاصة فيما يتعلق بوقت الإمساك و الإفطار و الأكل سهوا .. إلى غيرها من المسائل المتعلقة بهذه الفريضة الدينية التي يكثر عامة الناس من السؤال عنها ، لهذا فهي تستلزم مفت ذكيا يحسن تبسيط هذه المسائل لهم، وإلا فسيحدث ما لا يحمد عقباه، وهذا ما جرى بأحد المساجد في العاصمة بسبب إحدى المسائل الفقهية ، وهي سبق المصلين الإمام في صلاة الجماعة، وذلك حين كان المصلون ينتظرون إقامة الصلاة، وكانوا سيصلون في الساحة الخارجية للمسجد لصغره واكتظاظ المصلين بداخله، فإذا بأحد المصلين يصعد الأدراج المؤدية إلى المسجد، فالتفت إلى المصلين خارج المسجد و قال بصوت عال " لا تصلوا في هذا المكان أنتم سابقون للإمام ، ومن صلى هكذا فصلاته باطلة" ، فخلق بقوله فوضى في أوساط المصلين ، بين من صدقوه دون علم بمستواه العلمي ، و من أصروا على تكذيبه ولم يهدؤوا حتى استفتوا الإمام ، فأوضح لهم الصواب وخطأ ذلك المتجرئ على الفتوى وعلى إبطال صلاتهم ، حتى وإن وافقت فتواه الصواب ". "سمير"،شاب، يحكي هو الآخر ما سمعه من أحد المواطنين أثناء حديثه بالمقهى عن المشروبات و المياه الطبيعية و الغازية ، و عن فوائدها على الصحة، إلى أن أخذ يقول بأن "الخمر مفيد للصحة" وأنه يجوز لمرضى الكلى تناوله بدون حرج ، وأن الله رخص لهم بذلك" ، وبغض النظر عن صحة أو خطأ الفتوى ، فإنه لا ينبغي على شخص من عامة الناس أن يستخرج أحكاما شرعية من تفكيره الشخصي، ويجهر بها أمام الناس ، فيصدقه من يحسن الظن به ويجهل حقيقة حاله". ويضيف "سمير" أن "هذا الذي سوّل له جهله الإفتاء بجواز شرب الخمر، قد يفتي لشخص مريض بوجوب إتمامه الصيام أو غير ذلك". ويرى " حميد"، 45 سنة أن "الكثير من الناس يقبلون على التوبة والتدين في رمضان، فيكثرون من سماع الدروس وإتباع الدين دفعة واحدة ، فيبدؤون بتصيد أخطاء الناس والحكم على أي سلوك من غيرهم ، لم يرد بما درسوه أو ورد على عكس ما تعلموه، فيردون عليهم بعنف ضاربين بآداب النصيحة عرض الحائط .