أعربت كوكبة من الفنانين المعروفين على المستوى الوطني ل" الجزائر الجديدة"، عن استيائها الشديد من الوضع المزري الذي يعاني منه الفن الجزائري بمختلف أطيافه من تمثيل تلفزيوني أو مسرحي، وكذا سينمائي وحتى الفنون التشكيلية، الأمر الذي ينعكس سلبا على عطاء الفنان الجزائري، وشدد الفنانون على ضرورة تصفية المحيط الفني من الدخلاء وأشباه الفنانين حتى نرتقي لما هو أفضل وأرقى. صباح شنيب وقد استحضر الفنانون الشهيد علي معاشي الذي يعد قدوة للأجيال القادمة، كما أنهم استحضروا بعضا من رموز الفن في الجزائر من الذين رحلوا عنا وتركوا وراءهم فراغا رهيبا على غرار عبد القادر علولة وحبيب رضا وغيرهم. الممثل عبد الحميد رابية: "الفنان آخر عجلة في المجتمع الجزائري" أكد الفنان الكوميدي عبد الحميد رابية أن وزارة الثقافة قامت ببعض المجهودات من أجل ترقية المشهد الثقافي بالجزائر، حيث شيّدت 17 مسرحا جهويا، كما أنها نظمت عدد كبير من المهرجانات، لكن يمكن أن نقول أن المسارح في الجزائر هي مجرد جدران، وأضاف قائلا: "الفنان هو آخر العجلة في المجتمع الجزائري، كما أنه مازال يتخبط في المشاكل والعوائق التي تمنعه من الإبداع، ولا تضمن له أي حقوق وهذا في ظل غياب السياسة الثقافية"، وطالب رابية الجهة المسؤولة التفكير بجدية في تطبيق وتجسيد قانون الفنان، وقال أن السبب الرئيسي لعدم تطبيق قانون الفنان هوخوف السياسيين من توسع المجال الثقافي في المجتمع، خاصة وأنه يؤثر وبصف مباشر في وعي أفراد المجتمع ونقد جميع السلبيات، وأضاف أنه كنا في ما مضى نشتكي من الرقابة وعدم وجود حرية التعبير أما اليوم فظهر ما يسمى بالمقص المالي. ويضيف المتحدث ذاته بخصوص واقع الفن في الجزائر بالقول "كمبدعين وفنانين نطالب بالعمل والإنتاج لتغطية الفراغ الحاصل الذي يرمي بظلاله على الحركة الفنية والمسرحية وحتى التلفزيون بكامل قنواته، ولتغطية هذه الفجوات لابد من نهج سليم للرقي بالفن الجزائري والسمو به". وعن أهم الفنانين الذين رحلوا وبرحيلهم فقدت الجزائر قامة من قاماتها الفنية يقول: "في 29 ماي الفارط فقدت الجزائر عملاقا من عمالقة المسرح الجزائري ألا وهو حبيب رضا الذي يعد من رواد ومؤسسي أبي الفنون الجزائري، فهذا الممثل رجل حساس وفنان ملتزم عمل لصالح تحرير وثقافة بلاده، رحل عنا حبيب رضا بعد 94 عاما قضى جلها في خدمة المسرح ممثلا ومخرجا، وغاب عن دنيانا في الوقت الذي تحيي فيه الجزائر ذكرى استقلالها الخمسين، ويحتفي المسرح الوطني بهذه المناسبة، من خلال الطبعة الثامنة للمهرجان الوطني المحترف تاركا وراءه فراغا في الوسط الذي عرفه". الفنان محمد عجايمي: "قانون الفنان مجرد حبر على ورق" علّق الفنان محمد عجايمي على وضع الفنان في الجزائر بالقول "نحن نفتقد إلى سياسة ثقافية محضة، لأن قانون الفنان في الجزائر مجرد حبر على ورق، إذ أنه حتى لو أردنا إنشاء نقابة لحماية مصالح الفنان بركائز قوية، سوف يكون هناك دخلاء، وقال عجايمي:"إن التكريمات في الجزائر فيها نوع من الجهوية فمنذ 1962 إلى غاية اليوم قد قدمت المئات من المسرحيات والأوبرات، وكنت سفيراً ممتاز للثقافة العربية، لكن أين التشجيع، بطبيعة الحال كالعادة التشجيع في الجزائر فقط للأفلام الهندية والتركية وغيرهم من الأجانب". وأضاف أن الفيلم والمسرح يرعيان الناس سياسياً وتربوياً واجتماعيا، وأكد أن السينما التي كانت في أوجها في السبعينيات، كانت تعتبر وسائل تصويرها أسلحة ضد الفساد الذي كانت تعيشه الجزائر آنذاك. وطالب وزارة الثقافة بترك الفنان يعمل بحرية وبدون عراقيل من أجل أن يحمل الرسالة الإنسانية الهادفة. الفنان الكوميدي سليم: " تجسيد قانون الفنان مربوط بإضراب كبار الفنانين" أكد الفنان الكوميدي سليم في حديثه أنه لا وجود لثقافة دون فنان، ومنه فإن كل فنان أو مبدع هو الذي يصنع الثقافة، لكن الفنانين الجزائريين لا يمكنهم إنشاء نقابة، لأنهم أولا لا يعرفون حقوقهم من جهة وآخرون يمارسون عدة نشاطات تجارية ولا يريدون تطبيق قانون الفنان الذي يعتبر بالنسبة لهم حاجز يقيد حريتهم، وقال سليم: "أنا لست معترف بأني فنان جزائري، بل أنا مواطن أقدم رسالة إنسانية"،. وأضاف أن الحل الوحيد لتجسيد هو إضراب الفنانين المشهورين منهم والمبتدئين من أجل إرجاع كرامة الفنان. الممثل والمخرج المسرحي علي جبارة: "لابد من تصفية دخلاء الفن وأشباه الفنانين حتى نرتقي للأفضل" من جهته ضم الممثل المسرحي علي جبارة صوته إلى عبد الحميد رابية، حيث اعتبر أن الفن يعاني حالة مزرية ترمي بظلالها على الفنانين مما ينعكس على مستواهم، حيث يؤكد أنه لا وجود لنظام ولا وجود لقانون يعطي لكل ذي حق حقه ناهيك عن الفوضى العارمة الموجودة داخل الحقل الفني. وفي حديثه عن اليوم الوطني للفنان يقول:" نحن نريد الملموس لأن الاحتفال كل عام بهذا اليوم دون جديد يذكر يجعله مجرد تاريخ، في حين لا بد أن يكون له وقع وقيمة باعتبار أنه يحيي ذكرى الشهيد علي معاشي خاصة أن الجزائر لها من الإمكانيات الكبيرة ما يجعلها في الريادة، وإذا ما تكلمنا عن الأيام الوطنية التي تعنى بالمناسبات، فالجزائر البلد العالمي الوحيد التي تكثر فيه هذه الأيام لكنها تبقى بدون معنى لأن الإرادة غير موجودة''. وعن الفنان الذي رحل عن الحياة وبرحيله مرض الفن في الجزائر يقول محدثنا علي جبارة صاحب المسيرة الفنية الطويلة "عبد القادر علولة من أهم ما أنجبت الجزائر والمسرح الجزائري على وجه الخصوص، فعلولة - رحمه الله - شخصية مثقفة يرجع له الفضل في وضع مبادئ المسرح الجزائري... ونظرا لأنه كان عظيما آنذاك اغتالته أيادي الغدر". وعن مسيرة المسرح يكشف لنا جبارة أنه مر على ثلاث مراحل، الأولى قبل العشرية السوداء، حيث عرف انتعاشا واسعا، والثانية تزامنت مع هذه الفترة العصيبة، حيث قدمنا أعمالا كبيرة متحدين بذلك الواقع الصعب. أما الثالثة بعد هذه العشرية، إذ تتسم الأعمال بالوفرة في الكم لكن النوع حدث ولا حرج والسبب اكتساح دخلاء الفن للميدان، وعليه يختم قوله لا بد أن نتجاوز ظاهرة البيروقراطية وسوء التسيير وسن قوانين واضحة تحمي حق الفنان وتشجعه على العمل والإبداع. الفنانة سعاد سبكي :وزارة الثقافة تعمل لمشاريعها الخفية بعيدا عن الفنان قالت الفنانة سعاد سبكي "أن الفنان في الجزائر لا يحميه أي قانون"، وأن الوزارة "لم تعمل أبداً لصالح الفنان وإبداعاته"، بل تعمل دائما لمشاريعها الخفيّة بعيداً عن الفنانين، واتهمت سبكي الوزارة بتجردها من مسؤوليتها، رغم أن الحقيقة تقول أن "وزارة الثقافة بدون فنانين ليست وزارة" على حد قولها، وأكدت سبكي أن المتعارف عليه في القطاع الفني الجزائري هو أن نفس الفئة ونفس الأشخاص المستفيدين الدائمين، لهذا يبقى الإشكال المطروح هو أين قانون الفنان، الذي يحمي الفنان ويحافظ على كرامته؟؟!! وقالت سبكي أن الفنانين الذين هربوا عندما كانت الجزائر في أمسّ الحاجة إليهم هم أكثر المستفيدين في هذا المجال، أما الذين ناضلوا من أجل الجزائر والمسرح لم يتقاضوا مرتبهم منذ 1968. كما طالبت بتغير كامل لطاقم وزارة الثقافة التي قالت أنها: " لا تهتم إلا بشطيح والرديح، وتبذير الأموال على المغنين والراقصين الأجانب وتغيرهم بطاقم شبابي يحمل شعلة الفن والثقافة". الممثلة ليندة ياسمين: "أمل في أن تعمل الجزائر على تشجيع فنانيها ليتمكنوا من إفراغ طاقتهم" اعتبرت الفنانة ليندة ياسمين الفنان لدى الجمهور الجزائري سفير محيطه والرابط الناقل لمشاعره، خاصة وأن المتلقي الجزائري يتابع الإنتاج الوطني الذي يعالج مشاكله ويعبر عن واقعه وتطلعاته. ولكن مع كل هذا ترى ليندة أن الفنان الجزائري يعاني من التهميش، ونقص التوزيع بالإضافة إلى مجموعة من المشاكل التي تشكل عائقا لأي مبدع من أجل تحسين إنتاجه، وقالت ليندة ياسمين ل " الجزائر الجديدة ": "حلمي أن تعمل الجزائر على تشجيع فنانيها ليتمكنوا من إفراغ الطاقة والشحنة الفنية الكامنة بداخلهم، فالجزائر تزخر بالطاقات والمواهب، وحان الوقت للنهوض بهذا القطاع السنيما، وكذا الاهتمام بالطاقات الشابّة لأنها تمثل المستقبل". الفنانة فاطمة بلحاج: "قانون الفنان لن يضمن لأحد الإبداع" أكدت الفنانة والمخرجة فاطمة بلحاج أن قانون الفنان لن يضمن لأحد العمل والإبداع، بل هو مجرد حماية لحالته الاجتماعية، وصرحت بلحاج أن الإنتاج الفني بالجزائر كارثة وأن السياسة الثقافية غامضة والجو الثقافي يطبعه الركود، وهو ما يعكسه قلة الإنتاج الفني، كما طرحت التساؤل هل يوجد فن في الجزائر على المستوى الكبير حقاً؟. وأكدت أن الأقاويل المشاعة حول خوف السلطة من الفنان هي مجرد إدعاءات، فالخوف يكون من الفنان الحقيقي وليس من أشباه الفنانين. وصرحت بلحاج أن الفنان هو الذي يصنع قانونه بنفسه وهذا بالمثابرة بعمله وإبداعه وكذا احترام عقول المشاهدين من خلال تقديم الفن الهادف إلى توعية المجتمع ونقل همومه ومشاكله من أجل البحث عن حلول لها وتأسفت من تسلل الدخلاء إلى عالم الفن مما جعله يعاني من حالة مزرية تمنعه من إنشاء نقابات وجمعيات تحمي حقوق الفنان وتنشأ قانونا يكون له سنداً في حياته المهنية ويجنبه ضغوط المنتجين وهذا من خلال موافقة من هب ودب على كل الأعمال المقدمة لها دون تردد أو مراعاة مقاييس المواضيع التي تهدف لإرسالها إلى الجمهور.