أكد الدكتور لخضر منصوري في فن الإخراج المسرحي على ضرورة استرجاع مسرح الحلقة باعتباره فنا ضاربا في القِدم، و شكل من أشكال المسرح الشعبي المرتبط بالمبادرة والتلقائية، يقوم به رجال متمرسون على فن الحَكْي وبراعة الإيماء والتشخيص والسخرية والتكسُّب بالتَّحامُق الممتع و التوسُّل والدعاء والإضحاك والإبهار، تكمن في قربه من الجمهور ، وانطلاقه من الانشغالات اليومية بل الآنية للناس. أضاف أستاذ في النقد المسرحي على هامش ندوة النقاش حول "مسرح الحلقة..الموروث الشعبي" التي تم تنظيمها على مستوى مسرح الموجة ، في إطار فعاليات مهرجان مستغانم لمسرح الهواة ، أول أمس ، من واجبنا أن نُجدد التفكير في آليات حقيقية لحماية هذا القسم الهام من الذاكرة الشعبية، ذلك أن جزءا غير قليل من تراثنا الشفوي مُعَرّض للاندثار باندثار الحلقة الأصيلة، خصوصا على مستوى المضامين المروية أو المحكية وعلى صعيد الصورة التقليدية للعب والتشخيص. كما تطرق إلى خطورة التكنولوجيات الحديثة على مستقبل مسرج الحلقة إضافة إلى ظهور أنواع جديد مشابهة ومنافسة ك :"وان مان شو" الذي يتناول الحديث عن مواضع حديثة مواكبة لتطورات العصر على عكس مسرح الحلقة الذي يتطرق الى مواضيع تعكس الموروث الثقافي الشعبي لبلاد. مشيرا إلى إن مسرح الجزائري تطرح حوله الكثير من الإشكاليات من بينها وجود أزمة النصوص في المسرح الجزائري؟ وكذا كيف يعيش المسرج الجزائري مع جمهوره؟ وعلاقته بالمواضيع التى تطرح في المسرح ؟وهل الفنانين يتسألون في إرهاصاتهم اليومية عن طبيعة المواضيع التى يقدموها للجمهور؟ مضيفا أن المسرح الجزائري مر بمراحل عدة وفقد فيها الكثير من الأسماء سجلت منعرجا في تاريخ المسرح العربي والعالمي من بينهم كاكي و عبد القادر علولة لوحدهما قدما تجربة ثرية. من جهته أكد الأستاذ الناقد إن مسرح الحلقة ليس له تاريخ لظهوره فهو عرض يقدم في الساحات العمومية الأسواق يروي من خلاله "الحلايقي" بطولات شخصيات في دائرة محيطا بجمهور بحيث يؤثر الجلايقي في الجمهور من خلال حكاياته ليصبح الجمهور يتخيل تلك الصورة في مخيلته ويعيشها ذهنيا. فالحلايقي في تنقلاته داخل فضاء العَرْض المسرحي لا يذهب إلى وسط الدائرة إلا لشأن هام: إما ليرفع كفَيْه بالدُّعاء لصاحب أُعْطية سخية أو ليدفع دخيلاً لم يُراعي حُرمة مَقام الإبداع و الحَكْي. يضيف ذات المتحدث انه "من أدوات لمْحارْ في القدرة على الإضحاك وحُضور البديهة وسُرعة ردة الفعل و البراعة في اختيار لحظة التوقف لجمع الهِبات مُتوَعِّداً من تحرَّك من مكانه أو غادر المَجْمَع بأوخم العواقب، فالعرض في الحلقة عرض تفاعُلي، والجمهور المصدر الأول للعرض والأوحد للمعيشة." كما تطرق الأستاذ لخضر منصوري إلى تجربة عبد القادر علولة التى تمثلت في خلق فضاء مسرحي مغلق بشكل جزئي التي استوحاها من الشارع الأمر الذي جعل علولة يفكر في هذا الفضاء سواءا من حيث الديكور ولعب الممثلين على خشبة المسرح وطريقة الإلقاء تلك النصوص يعتمد بشكل قوي على الارتجال في طرح الموضوع نلمس فيه التشويق لمتابعة قصة الحلايقي . و في الأخير قال الأستاذ الناقد المسرحي لخضر منصوري :" ان فن الحلقة مسرح يسترجع الفضاءات الثقافية المفتقدة في الحواضر أسرير تلك الأماكن التي كانت مجالات للفرح والهزل و الأنواع من الموسيقى القريبة إلى القلب و من واجبنا جميعا وضع الآليات المناسبة مؤسساتيا ومعرفيا واقتصاديا بهدف المحافظة على تراث الحلقة.كما أن التحديات التي يُواجهها هذا الفن هي نفسها التحديات التي تُواجهها الصَنائِع العريقة، غير أن صعوبة التحدي بالنسبة للحلقة يتجلى في غلبة الطابع الفني على الطابع الحِرَفي زينب.ب.