أحيت نهاية الأسبوع الماضي جمعية الكلمة للثقافة و الإعلام بجامعة بوزريعة ، الذكرى الثانية لرحيل المجاهد عبد الحميد مهري تحت شعار " رجل الحكمة والمبادئ " ، الذي انتقل إلى رحمة الله يوم 30 جانفي 2012 ، بحضور عدد من الشخصيات الوطنية و الثقافية أبرزها وزير التربية الأسبق الدكتور علي بن محمد ، الكاتب محمد بوعزارة ، و الأمين العام لمؤسسة مولود قاسم نايت بلقاسم الأستاذ عمر بوخزار. أجمع المشاركون في الندوة التي كانت حول مناقب الفقيد أن المجاهد عبد الحميد مهري كان رجلا مشبعا بتجربة سياسية وتاريخية حافلة، كلماته دقيقة ومعبرة، و أنه شخصية تجاوز صيتها و سمعتها حدود الجزائر، و أن مسيرته النضالية ناصعة لا شبهة فيها ، منذ الحركة الوطنية إلى ثورة التحرير الكبرى، تحمّل خلالها مسؤوليات في مختلف هياكل الحزب الوطني الأول في الجزائر، و في هيئات الثورة بجدارة و تواضع المناضلين، مشيرين أنه أطلّ على العالم العربي بفكره النيّر واتسّامه بمنطق الرجل المفكر الذي يضع كلّ كلمة في مكانها المناسب، حتى أطلق عليه صفة حكيم الثورة و عملاق السياسة، منوهين في حديثهم إلى أنه من بين الرجالات الذين كتبوا عن الثورة و حاضروا و كان لهم حضور مؤثر في الساحة الإعلامية، أما حول شهادتهم في شخصية الفقيد فقال محمد بن علي " أطلعني المرحوم مهري ذات يوم على قائمة بخطّ يده تعود إلى سنوات الثورة ، تشمل أعضاء الحكومة الجزائرية المؤقتة الأولى و قال لي عندما تقرر إنشاء الحكومة المؤقتة ، اتصل بي "الباءات الثلاث" لخضر بن طوبال ، كريم بلقاسم و عبد الحفيظ بوصوف وكلفوني باسم جبهة التحرير الوطني بإجراء استشارات ومن ثمَّ اقتراح الأسماء التي ستشكل أعضاء الحكومة ، وحين قدّمت التشكيلة المقترحة، لم يغيروا الأسماء إطلاقا بل غيّروا المناصب والمهام فقط ، ولم يضيفوا إلى القائمة إلا شخصا واحدا هو : عبد الحميد مهري ..."، مضيفا "عندما نذكر المرحوم عبد الحميد مهري لا نذكر جيلا واحدا فقط بل أجيالا متتابعة، وقد عرفته منذ 1967 فعرفت فيه الرجل الذي لم يتبدّل ولم يتغيرّ إلى غاية رحيله رحمه الله ...". في سياق أخر أكد الوزير الأسبق أن الفقيد مهري كان من القلائل الذين يعرفون تاريخ اندلاع الثورة المجيدة، و هذه حسبه شهادة من المرحوم محمد بوضياف ، و انه لو لم يكن في قسنطينة لكان مع مجموعة ال 22 التي فجّرت الثورة التحريرية. من جانبه أكد الأستاذ عمر بوخزار الكاتب العام لمؤسسة مولود قاسم نايت بلقاسم، أن مؤسسة " مولود قاسم نايت بلقاسم " التي تأسست في 22 مارس 2006، و التي ترأسها شرفيا المرحوم عبد الحميد مهري إلى غاية وفاته لم تتحصل على الاعتماد من وزارة الداخلية، مشيرا إلى أن المرحوم مهري قبل رئاسة مؤسسة فقد لاسم "مولود بلقاسم " باعتباره كان من أعز رفاقه، حيث قال "اسم المؤسسة هو الذي فرض عليه القبول لأنه كان من اعز رفقاءه "، وقال في شهادته حول الفقيد "...للتاريخ فان مهري رغم هذا لم يتغيب عن اجتماعات المؤسسة إلى غاية وفاته ...لقد آتاه الله الحكمة ...و من النادر أن نجد واحدا في مثل أخلاقه...فهو جمع بين السياسة و الأخلاق، الكفاءة والنزاهة". الكاتب محمد بوعزارة كان حاضرا في ندوة و قال في كلمته "عندما خرج المرحوم بن بلة من السجن ، واتخذ أسلوب المعارضة لنظام الشاذلي بن جديد من خارج الوطن ، كنت رئيس تحرير بالإذاعة الوطنية ، وكان المرحوم مهري رئيسا للجنة الإعلام في الأفلان ...اجتمعنا لدراسة الردّ على انتقادات بن بلة المتتالية ، وقررنا الردّ عليها بقوة في المؤسسات الإعلامية باختلافها" مضيفا " ...وقد كتبت تعليقين شديدي اللهجة ضد الراحل بن بلة واطلع عليهما مهري ، الذي ما إن دخل بيته حتى طلبني هاتفيا وقال " بن بلة هرم من أهرامات البلد علينا أن نحترمه مهما كانت درجة انتقاداته لنا ...." وأمرني بأن لا أبث التعليقين في الإذاعة و عرفت لاحقا أنه أقنع المرحوم الشاذلي بن جديد بتوقيف الحملة الإعلامية ضد بن بلة ...رحم الله الثلاثة "