قدم العرض الشرفي الأول للفيلم الطويل "حلال مُصدّق" لمخرجه محمود زموري، بقاعة ابن خلدون، أمس، وخُصصت الفترة الصباحية للصحفيين، بحضور المخرج والمنتجين والفرقة الفنية والتقنية للفيلم، في حين تم العرض الرسمي على السابعة من مساء أمس. يعالج المخرج محمود زموري في "حلال مُصدّق" مشكلة العذرية في العادات والتقاليد أكثر منها ارتباطا بالدين، حتى في ديار الغربة، حيث بدأ الشباب المغترب الذي ولد تحت السماء الفرنسية في المطالبة بالعذرية مع وثيقة تُثبت ذلك، وصور الذهنية الجزائرية هناك بعد أن اجتمع جماعة من شباب الحي في فرنسا يتحدثون عن "كنزة" وهي بطلة الفيلم، بعد أن رأوها تتحدث في التلفزيون عن وثيقة العذرية التي تعتبرها إهانة للمرأة. وتبدأ الأحداث عندما يقرر شقيق كنزة أن يزوجها في قرية ببسكرة، بعد أن بدأ يخاف عليها من فقدان عذريتها، فيستعين بقريب له الذي يختار لها الموال الثري عطا الله. وتتصاعد الأحداث، عندما يصطدم موكب عرسه بموكب عرس آخر لسلطانة بنت القرية حول ضريح الولي الصالح للقرية وبسبب ذلك تُبدّل العروسان فكلتاهما كانت مغطاة من رأسها إلى أخمص قدميها بالزي ذاته، ليكتشف العريس أن التي وصلت معه إلى المنزل ليست زوجته فيحاول استرجاعها بالبحث عنها، والمشكلة تقع في عائلة العرس الآخر التي ترفض إعادة زوجته الفرنسية. بعدها تتسارع الأحداث، وتهرب كنزة وسلطانة وتلتقيان في باص باتجاه العاصمة، سلطانة حزينة لأنها أحبت الرجل الذي ستتزوجه لكنها استاءت عندنا أحال نظره إلى كنزة التي لم تُعره اهتماما وكانت فقط تبحث عن وسيلة للعودة إلى فرنسا، ثم تتصاعد الأحداث عندما تقلب المرأتان القرية سعيا منهما للتخلص من التقاليد فتحاول النساء المتواجدات في الباص الانقلاب على الوضع، صوّرت كاميرا زموري، تحكّم العادات والتقاليد في إحياء الأفراح والأعراس التقليدية التي تتشابه فيها دول المغرب العربي بطريقة كوميدية هزلية، وهي رسالة إلى أن هذه العادات مازالت إلى يومنا هذا، بحيث تعاني المناطق النائية منها، وأشار المخرج إلى أن العذرية قد تفقدها أي فتاة في القرية، من خلال شخصية فتاتان تبحثان عن مبلغ مالي لترقيع البكارة. على مدار ساعة ونصف صور المخرج ببراعة لعشاق الفن السابع الحياة الحقيقية للمناطق النائية بكل تفاصيلها وذلك في اللباس، الديكور، وحتى الجوالعام فالمتلقي يغوص في الأحداث، بلمسة فنية محترفة، بالإضافة إلى نوعية الصورة الجيدة والأداء المتميز للممثلين، لكنه أعطى مساحة كبيرة للمغنية الشابة يمينة التي أحيت حفل الزفاف، بالإضافة إلى تصويرها من خلال دورها وكأنها امرأة تدعوالنساء للتحرر غير المنطقي، ويظهر ذلك عندما دعت إحداهن بقولها "تعالي معي إلى العاصمة وسأعرّفك على رجال أعمال"، وأن النهاية كانت مباغتة وغير منطقية بحيث انتهت مباشرة بعد لقاء النسوة في الباص إلى مكان لم يظهر إن كان ملهى أوعرس، وكانت الشابة يمينة تغني، ليصعد الجنريك فجأة، الفيلم جمع أبرز الممثلين الجزائريين من الشرق الجزائري، ومناطق أخرى، وكذا الحضور المميز للفنان الفرنسي الجنسية اسماعين فيروز، وتعاون المخرج مع بعض أعضاء الفرقة المسرحية محمد التوري بجليدة، والوجوه الفنية الجزائرية والمغربية على غرار حفصية حرزي، مراد زيغندي، اسماعيل فيروز، نادية كوندا، فاطمة حليلو، العمري كعوان، عمر طايري، الشابة يمينة، وغيرهم. يُذكر أن "حلال مُصدّق" من كتابة محمود زموري وماري لورانس عطية، اعتمد على طاقم تصوير إيطالي، من إنتاج مشترك بين الوكالة الجزائرية للإشعاع الثقافي و"آنتينيا للسمعي البصري"، "فنك للإنتاج فرنسا" وبدعم من وزارة الثقافة. وفي مداخلته بعد انتهاء عرض الفيلم، قال المخرج محمود زموري، أنه اختار بسكرة للتصوير، بحيث تعبر المنطقة عن جميع التقاليد الموروثة التي لا تزال مُطبقة إلى غاية اليوم، مصيفا أنه كان يهدف بطريقة غير مباشرة لإبراز سحر وجمال المناطق الريفية. وأشار المخرج إلى أن المبدعين إذا لم يخترقوا هم هذه التقاليد فلا أحد سيفعل، ليس بالتغيير تماما، ولكن بالتقليل من حدتها خاصة على المرأة، مشيرا أنه قد ولد في بوفاريك التي تبعدُ كيلومترات عن العاصمة ويقلقه أن تُعتبر المرأة هناك وكأنها شيء بدون قيمة. وأكد زموري أن هناك تراجعا عند المغتربين والمولودين بديار الغربة، فهم اليوم يبحثون عن العذراوات، ولا يريدون الزواج بمن تذهب الجامعة، لهذا المغتربات يتزوجن فرنسيين أوأجانب من دول أخرى، وفي الكلمة التي أحيلت إليه قال إسماعين فيروز، أنه فخور بالعمل في سيناريوهات جزائرية، مضيفا أنه جزائري المولد فرنسي المعرفة وهويعكس كل منطقة عند الأخرى، من خلال التعامل ومن خلال الفن الذي يقدمه، مؤكدا أن فيلم "حلال مُصدّق" تكريم للمرأة وعدم حصرها في العذرية وأنها ليست مجرد شيء بلا قيمة.