تواصل أحزاب المعارضة، التفكير بمنطق "الترقب" والتزام وضع الدفاع، تجاه الأحداث الجارية في الساحة السياسية، رغم إقرارها أن كل المؤشرات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، تؤدي إلى تفاقم الوضع وتهدد بأزمة عنيفة. لم يؤثر انتقال السلطة، من موقع الدفاع إلى الهجوم، ودخولها مرحلة "الحزم" مع المعارضة، على سلوك هذه الأخيرة، رغم أن السلطة لم تر حرجا في ذلك، بعدما أظهرت نية بأنها جارية في التحضير لمراحل قادمة، تريدها دون معارضة سياسية واجتماعية، ما عكسته الخطابات التي أطلقتها ضد خصومها، ونذكر خطاب الوزير الأول عبد المالك سلال، خلال اجتماع الثلاثية مؤخرا، حين قال إن "على أولئك الذين يكتفون بالنقد ويدفعون إلى العزوف والاستقالة الجماعية، أن يدركوا أنهم لا يخدمون بلادهم"، أو التهديدات التي أطلقها الأمين العام للأرندي، ومدير ديوان الرئاسة أحمد أويحيى. كل هذه الخطابات، لم تستنفر أحزاب "المعارضة"، التي التزمت الصمت، فلم يخرج اجتماع أطيافها في هيئة التشاور والمتابعة مثلا، قبل يومين، بأي موقف من هذا التصعيد، فظهرت في موقف "إقرار بالضعف" رغم أن الوضع الحالي يفرض عليها تناول مواقف السلطة بالجدية اللازمة، فيما ظهرت أحزاب أخرى في "عطلة خريفية" مثل جبهة القوى الاشتراكية، التي غابت عن الساحة مؤخرا، بعد فشل مبادرة الإجماع. وأمام تفاقم الوضع السياسي، وتواصل تداعيات الأزمة الاقتصادية، والقرارات على المستوى الاجتماعي، لم تر المعارضة أي حاجة إلى تغيير مناهجها وأساليب عملها وخطاباتها السياسية، أو طرح بدائل جديدة للجزائريين، فلا تزال تسوق نفس الخطابات المستهلكة، بعد سنة ونصف السنة من العهدة الرابعة، وتتمسك بأسلوب "الاجتماعات المغلقة" ورفض الاستثمار في الشارع، بدواعي "نبذ العنف"، الأمر الذي يؤكده إعلان هيئة التشاور، عن تنظيم مؤتمر نهاية السنة، شبيه باجتماع "مزفران"، في وقفة تطرح تساؤلات حول جدوى هذا الاجتماع وفعاليته، في ظل تغير المعطيات السياسية، وتزايد احتمالات فشله، بسبب استحالة تكرار نفس مؤتمر 10 جوان من السنة الماضية، بعد تأكد عدم حضور أحزاب وشخصيات وطنية شاركت في السابق. وظهرت أغلب أحزاب "المعارضة"، ولم تضع في أجندتها سوى رحيل السلطة السياسية، والمطالبة بانتخابات مسبقة، غير مبالية بجوانب أخرى من أزمة معقدة ومتعددة الأوجه، مثل إسقاطات الأزمة الاقتصادية، أو قرارات تهدد السلم الاجتماعي.