يؤشر إعلان هيئة التشاور والمتابعة عن عقد مؤتمر للمعارضة، شبيه بمؤتمر مزفران، على رغبة في العودة إلى الساحة السياسية، بعدما تراجع دورها مؤخرا، مقابل احتلال السلطة وأحزابها واجهة الأحداث، وأيضا للخروج بمواقف موحدة حول قضايا خلافية بين فعالياتها. صنع مؤتمر المعارضة في مزفران في 10 جوان من السنة الماضية، صورة جديدة عن المعارضة، بعدما نجحت في توحيد تياراتها وتجاوز خلافات بينها، ورسّم المؤتمر "الشهير" صورة أخرى عن تغيير في موازين القوى بين السلطة والمعارضة، بالنظر إلى عدد الأحزاب والشخصيات المشاركة فيه، وأبسبب رمزية بعض المشاركين، من وزراء ورؤساء حكومة سابقين، وشخصيات معروفة في الساحة السياسية. ونجح المؤتمر الذي خرج بوثيقة الانتقال الديمقراطي، في توسيع صفوف المعارضة، وتوج بإنشاء هيئة التشاور والمتابعة. المتابع للساحة السياسية اليوم، يلاحظ تلاشي صورة الأحزاب المعارضة التي صنعها مؤتمر مزفران، بعد تراجع دورها، باعتراف رئيس جيل جديد، جيلالي سفيان، الذي يرى أن "المعارضة تنقصها الفعالية"، وظل نشاطها خلال سنة كاملة منحصرا في تجمعات مغلقة، دون تغيير في أساليبها، في وقت ظهرت بعض الحساسيات بين أعضائها، وكان أبرزها قضية الحوار مع السلطة، التي فجرت خلافا بين حركة مجتمع السلم وجبهة العدالة والتمنية، بعد لقاء رئيس حمس، عبد الرزاق مقري، مدير ديوان الرئاسة أحمد أويحي. ومن جانب آخر ظهرت أصوات داخل تنسيقية الحريات والانتقال الديمقراطي تطالب بتغيير أساليب عمل المعارضة، بينها الأرسيدي الذي يرى أن اللجوء إلى الشارع سلميا وسيلة ناجعة للضغط على السلطة، وتوافقه حمس الفكرة، بينما يرفض آخرون الفكرة. وفي وقت تلاشى دور المعارضة، احتلت السلطة واجهة الأحداث، وكانت البداية مع عودة أحمد أويحي الى رئاسة الأرندي، ثم تغييرات مست مؤسسات إدارية، والجيش، ثم أحداث بارزة، منها اعتقال جنرالات واتهام رجل الأعمال اسعد ربراب وتهديدات ضد المعارضة والإعلام، بينما اكتفت المعارضة خلال هذه الفترة بردود أفعال دون مبادرة. وتواجه المعارضة في الفترة القادمة، تحديات أخرى، أبرزها الخروج برؤية موحدة حول مواقفها وأساليب عملها، مثل مسألة الحوار مع السلطة، أو بالنسبة للاستحقاقات القادمة، حيث تعتبر تشريعيات 2017 رهان حقيقي لوحدة هذه الأحزاب التي تشترط هيئة مستقلة للانتخابات للدخول في أي استحقاقات، بينما تبحث أحزاب أخرى عن التموقع في الساحة، مثل حزب بن فليس.