*- تين: الجمعية بيت الكتاب والمثقفين وإسها متهم ضمان لحياتها استأنفت الجاحظية نشاطاتها بعد توقف دام عدة شهور، بسبب عملية الترميم التي طال أمدها وشملت كامل منشأة الجمعية مع تغييرات كثيرة وتم الاستغناء عن المقهى محل النادي. وقد حضر حفل الافتتاح عدد من الكتاب والشعراء ومرتادي النادي الثقافي الجواري والأستاذ محمد صلاح ممثل عن الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين بالجزائر . وقد اختارت الجمعية بمناسبة انطلاق الموسم الثقافي الجديد تنظيم لقاء حول حياة وأعمال المثقف والسياسي مولود قاسم نايت بلقاسم، ودعي لتنشيطه كل من الكاتب محمد أرزقي فراد والإعلاميان سعد بوعقبة وخليفة بن قارة. وفي كلمته الافتتاحية، رحب رئيس الجاحظية محمد تين بالحضور، وجدد دعوته لكامل محبي الجمعية العريقة من الكتاب والمثقفين داعيا إياهم للإسهام الفعال في نشاطات الجمعية، مؤكدا أنه الضمان لاستمرار حياة الجمعية، مبرزا أن تشتت المثقفين لا يخدم أهداف الجمعية التي تبقى سائرة وفق شعارها "لا إكراه في الرأي" الذي يعد حسبه عملة نادرة. وأكد تين من جهة أخرى على الاهتمام والالتزام بقضايا الأمة والشعب ومنها قضية الشعب الفلسطيني العادلة، مبديا دعمه وتأييده لما يخوضه أهل فلسطين في معركتهم المتواصلة ومسيرة العودة الكبرى، وانتفاضتهم الأخيرة منذ أربعة أسابيع منذ ذكرى يوم الأرض الموافق ل30 مارس من كل سنة، خصوصا وأن ذكرى اليوم العالمي لمناهضة الاستعمار 24 أفريل قريبة جدا، مؤكدا أن الأطماع الاستعمارية تعود من جديد والصهيونية العالمية هي جزء من هذا الاستعمار البغيض. وبخصوص ما تبقى من الترميمات، قال تين بأن قاعة المطالعة ستفتح في الموسم القادم وأن أعمال التهوية ستتم بعد حين، وأن مجلة التبيين هي في انتظار عودتها وهي ستنجز باشتراك ودعم الجميع، مذكرا في نفس الوقت بالأديب الراحل الطاهر وطار الذي كان كل أبطال روايته من البسطاء. اختار محمد ارزقي فراد وهو ناشط ثقافي وسياسي، الانطلاق من مقال كتبه شيخ المؤرخين أبو القاسم سعد الله عن مولود قاسم للحديث عن نايت بلقاسم حيث وصفه سعد الله بقوله "سي مولود ظاهرة فذة" وهو حسب فراد أحسن ما قيل عن مولود قاسم. ويرى فراد أن مولود قاسم هو مواطن جزائري جمع بين التقليد والمعاصرة، وكانت دراسته الأولى على يد الشيخ الطاهر آيت علجت ب"أيت عيدل" بقرية تاموقرة ببجاية في القبائل الصغرى، ليتحول بعدها إلى الزيتونة وفرنسا ليحضر دكتوراه في الفلسفة حول "الحرية عند المعتزلة"، ليتحول بعدها إلى ألمانيا ويدرس هناك لمدة من الزمن. مولود قاسم الذي كان يمتلك ناصية لغات كثيرة كان برأي فراد ديمقراطيا ومتفتحا، عمل في الإصلاح الفكري وكذا السياسي، وقدم له محور مقال يصدر في مجلة "المنار" وهو لا يزال طالبا، وأثنى فراد على الرجل واصفا إياه بالمؤسسة وبالموسوعة وأنه ساهم في إعادة بناء الدولة الجزائرية، ووضع وصحح الكثير من المصطلحات التي أثرى بها القاموس اللغوي. وأضاف فراد بأن مولود قاسم عمل على تجديد المدارس الدينية وأعطى لملتقى الفكر الإسلامي بعدا أخر مؤسس على العقل والتفكير والتسامح، كما أسس مجلة الأصالة واهتم بالتكوين العلمي للائمة لأنه كان يرى بوجوب أن يكون الإمام ملما بالمذاهب الفكرية الإنسانية فالمسلم لا يعيش لوحده بل في محيط عالمي. ومن جهة أخرى قال فراد أن مولود قاسم كان يربط العربية بالإسلام وليس بالعرب لأن العربية برأيه بدون إسلام شعوبية. وقال فراد في الأخير إن أفضل تكريم لمولود قاسم هو أن يعطى الاعتماد للمؤسسة التي تحمل اسمه وتكريمه من خلال تسمية جامعة أو مؤسسة علمية أو ثقافية باسمه. من جهته عاد سعد بوعقبة إلى أهم الذكريات التي جمعته بالرجل من موقعه كإعلامي منذ السبعينات وذكريات ملتقى الفكر الإسلامي المتعددة، وقال بأن الجملة الوحيدة التي وردت عن الأمازيغية في الميثاق الوطني 1976 هي لمولود قاسم. وختم الإعلامي خليفة بن قارة بالحديث عن سنوات ملتقيات الفكر الإسلامي تحت إشراف مولود قاسم، وعن إلغاء وغلق مؤسسات التعليم الأصلي الذي كان يقوده مولود قاسم وعدم قدرته على تنفيذ البرنامج العملي له، مقدما بعض المواقف التي عاشها عن انضباط الرجل واحترامه للوقت.